أوليائكم معروفا) [الأنفال: 75] " قال: " إلا أن توصوا لأوليائهم الذين عاقدوهم وصية ".
فذكر هؤلاء أن ما كان من ذلك في الجاهلية نسخ بقوله تعالى: (وأولوا الأرحام) [الأنفال: 75]، وأن قوله تعالى: (فآتوهم نصيبهم) [النساء: 33] إنما أريد به الوصية أو المشورة والنصر من غير ميراث، وأولي الأشياء بمعنى الآية تثبيت التوارث بالحلف، لأن قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) [النساء: 33] يقتضي نصيبا ثابتا لهم، والعقل والمشورة والوصية ليست بنصيب ثابت، وهو مثل قوله تعالى:
(للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب) المفهوم من ظاهره إثبات نصيب من الميراث، كذلك قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) [النساء: 33] قد اقتضى ظاهره إثبات نصيب لهم قد استحقوه بالمعاقدة، والمشورة يستوي فيها سائر الناس فليست إذا بنصيب، فالعقل إنما يجب على حلفائه وليس هو بنصيب له، والوصية إن لم تكن مستحقة واجبة فليست بنصيب، فتأويل الآية على النصيب المسمى له في عقد المحالفة أولى وأشبه بمفهوم الخطاب مما قال الآخرون.
وهذا عندنا ليس بمنسوخ، وإنما حدث وارث آخر هو أولى منهم كحدوث ابن لمن له أخ لم يخرج الأخ من أن يكون من أهل الميراث، إلا أن الابن أولى منه، وكذلك أولو الأرحام أولى من الحليف، فإذا لم يكن رحم ولا عصبة فالميراث لمن حالفه وجعله له، وكذلك أجاز أصحابنا الوصية بجميع المال لمن لا وارث له.
وأما الميراث بالدعوة والتبني فإن الرجل منهم كان يتبنى ابن غيره فينسب إليه دون أبيه من النسب ويرثه، وقد كان ذلك حكما ثابتا في الاسلام، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حارثة وكان يقال له زيد بن محمد حتى أنزل الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) [الأحزاب: 40]، وقال تعالى: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم) [الأحزاب: 37]، وقال تعالى:
(أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) [الأحزاب: 5]. وقد كان أبو حذيفة بن عتبة تبنى سالما، فكان يقال له سالم بن أبي حذيفة، إلى أن أنزل الله تعالى: (ادعوهم لآبائهم) [الأحزاب: 40]، رواه الزهري عن عروة عن عائشة، فنسخ الله تعالى الدعوة بالتبني ونسخ ميراثه. حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان المؤدب قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن ليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب في قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) [النساء: 33] قال ابن المسيب: