أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٠٨
بالتعصيب، فلو انفرد البنات لم يأخذن أكثر من الثلثين وإن كثرن، ولو كان معهن أخ لهن وهن عشر كان لهن خمسة أسداس المال، فيأخذن في حال كون الأخ معهن أكثر مما يأخذن في حال الانفراد، فكذلك حكم بنات الابن إذا استوفى بنات الصلب الثلثين لم يبق لهن فرض، فإن كان معهن أخ صرن عصبة معه ووجبت قسمة الثلث الباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذلك قالوا في بنتين وبنت ابن وأخت، أن للبنتين الثلثين والباقي للأخت ولا شئ لبنت الابن، لأنها لو أخذت في هذه الحال التي ليس معها ذكر كانت مستحقة بفرض البنات، والبنات قد استوعبن الثلثين، فلم يبق من فرض البنات شئ تأخذه، فكانت الأخت أولى لأنها عصبة مع البنات، فما تأخذه الأخت في هذه الحال فإنما تأخذه بالتعصيب، فإذا كان مع بنت الابن أخ لها كان الباقي بعد الثلثين بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شئ للأخت.
وقد حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن ابن قيس الأودي عن هزيل بن شرحبيل الأودي قال: جاء رجل إلى أبي موسى الأشعري وسلمان بن ربيعة فسألهما عن بنت وبنت ابن وأخت لأب وأم، فقالا: " للبنت النصف وللأخت النصف - ولم يورثا بنت الابن شيئا - وأت ابن مسعود فإنه سيتابعنا "، فأتاه الرجل فسأله وأخبره بقولهما، فقال:
" لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، ولكن أقضي فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: لابنته النصف ولابن الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت من الأب والأم ". فهذا السدس تأخذه بنت الابن بالفرض لا بالتعصيب لم يختلفوا فيه إلا ما روي عن أبي موسى الأشعري وسلمان بن ربيعة، وهو الآن اتفاق. ثم لم يخالفهم عبد الله لو كان معها أخ أن للبنت النصف وما بقي فبين بنت الابن وابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين، وأنها لا تعطى السدس في هذه الحال كما أعطيت إذا لم يكن معها أخ، ففي هذا دليل على أن بنت الابن تستحق تارة بالفرض وتارة بالتعصيب مع إخوتها كفرائض بنات الصلب. ومن قول عبد الله في بنت وبنات ابن وابن ابن أن للبنت النصف وما بقي فبين بنات لابن وابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ما لم تزد أنصباء بنات الابن على السدس فلا يعطيهن أكثر من السدس، فلم يعتبر الفرض على حدة في هذه الحال ولا التعصيب على حدة، ولكنه اعتبر التسمية في منع الزيادة على السدس واعتبر المقاسمة في النقصان، وهو خلاف القياس والله أعلم بالصواب.
باب الكلالة قال الله عز وجل: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»