أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٠٧
أولاد لصلبه ولم يكن للآخر ولد لصلبه وكان له أولاد ابن، كانت الوصية لولد فلان لصلبه ولأولاد أولاد فلان، ولم يمتنع دخول أولاد بنيه في الوصية مع أولاد الآخر لصلبه وإنما يمتنع دخول ولد فلان لصلبه وولد ولده معه، فأما ولد غيره لغير صلبه فغير ممتنع دخوله مع أولاد الآخر عمرو لصلبه، فكذلك قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) يقتضي ولد الصلب لكل واحد من المذكورين إذا كان ولا يدخل معه ولد الابن، ومن ليس له ولد لصلبه وله ولد ابن دخل في اللفظ ولد ابنه. وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى:
(يوصيكم الله في أولادكم) خطاب لكل واحد من الناس، فكان كل واحد منهم مخاطبا به على حياله، فمن له منهم ولد لصلبه تناوله اللفظ على حقيقته ولم يتناول ذلك ولد ابنه، ومن ليس له ولد لصلبه وله ولد ابن فهو مخاطب بذلك على حياله، فيتناول ولد ابنه.
فإن قيل: إن اسم الولد يقع على كل واحد من ولد الصلب وولد الابن حقيقة. لم يبعد إذ كان الجميع منسوبين إليه من جهة ولادته ونسبه متصل به من هذا الوجه فيتناول الجميع، كالإخوة لما كان اسما لاتصال النسب بينه وبينه من جهة أحد أبويه شمل الاسم الجميع وكان عموما فيهم جميعا، سواء كانوا لأب وأم أو لأب أو لأم. ويدل عليه أن قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) [النساء: 23] قد عقل به حليلة ابن الابن كما عقل به حليلة ابن الصلب. فإذا ترك بنتا وبنت ابن فللبنت النصف بالتسمية ولبنت الابن السدس وما بقي للعصبة. فإن ترك بنتين وبنت ابن وابن ابن، فللبنتين الثلثان والباقي لابن الابن وبنت الابن بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذلك لو كانت بنتين وبنات ابن وابن ابن ابن أسفل منهن كان للبنات الثلثان وما بقي فبين بنات الابن ومن هو أسفل منهن من بني ابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. وهذا قول أهل العلم جميعا من الصحابة والتابعين، إلا ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يجعل الباقي لابن الابن وإن سفل ولا يعطي بنات الابن شيئا إذا استكمل البنات الثلثين، وإنما كان يجعل لبنات الابن تكملة الثلثين مثل أن يترك بنتا وبنات ابن فيكون للبنت النصف ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين، فإن كان معهن ابن ابن لم يعط بنات الابن أكثر من السدس، وكذلك قوله في الأخوات من الأب مع الأخوات من الأب والأم، وذهب في ذلك إلى أن إناث ولد الابن لو كن وحدهن لم يأخذن شيئا بعد استيفاء البنات الثلثين، فكذلك إذا كان لهن أخ لم يكن لهن شئ، ألا ترى أنه لو كان ابن عم مع إحداهن لم يأخذن شيئا؟.
وليس هذا عند الجماعة كذلك، لأن بنات الابن يأخذن تارة بالفرض وتارة بالتعصيب، وأخوهن ومن هو أسفل منهن يعصبهن، كبنات الصلب يأخذن تارة بالفرض وتارة
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»