أحكام القرآن - الجصاص - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
عليه لأنه قال: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) فجعل الميراث بينهما أثلاثا كما جعله أثلاثا بين الابن والبنت في قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين)، وجعله بين الأخ والأخت أثلاثا بقوله تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين)، ثم لما سمى للزوج والزوجة ما سمى لهما وأخذا نصيبهما كان الباقي بين الابن والبنتين على ما كان قبل دخولهما، وكذلك بين الأخ والأخت، وجب أن يكون أخذ الزوج والزوجة نصيبهما موجبا للباقي بين الأبوين على ما استحقاه أثلاثا قبل دخولهما، وأيضا هما كشريكين بينهما مال إذا استحق منه شئ كان الباقي بينهما على ما استحقاه بديا، والله أعلم بالصواب.
باب ميراث أولاد الابن قال أبو بكر رضي الله عنه: قد بينا أن قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) قد أريد به أولاد الصلب وأولاد الابن إذا لم يكن ولد الصلب، إذ لا خلاف أن من ترك بني ابن وبنات ابن أن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين بحكم الآية، وكذلك لو ترك بنت ابن كان لها النصف وإن كن جماعة كان لهن الثلثان على سهام ميراث ولد الصلب، فثبت بذلك أن أولاد الذكور مرادون بالآية.
واسم الولد يتناول أولاد الابن كما يتناول أولاد الصلب، قال الله تعالى: (يا بني آدم) ولا يمتنع أحد أن يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم من ولد هاشم ومن ولد عبد المطلب، فثبت بذلك أن اسم الأولاد يقع على ولد الابن وعلى ولد الصلب جميعا، إلا أن أولاد الصلب يقع عليهم هذا الاسم حقيقة ويقع على أولاد الابن مجازا، ولذلك لم يردوا في حال وجود أولاد الصلب ولم يشاركوهم في سهامهم، وإنما يستحقون ذلك في أحد حالين:
إما أن يعدم ولد الصلب رأسا فيقومون مقامهم، وإما أن لا يجوز ولد الصلب الميراث فيستحقون بعض الفضل أو جميعه، فأما أن يستحقوا مع أولاد الصلب على وجه الشركة بينهم كما يستحقه ولد الصلب بعضهم مع بعض فليس كذلك.
فإن قيل: لما كان الاسم يتناول ولد الصلب حقيقة وولد الابن مجازا لم يجز أن يرادوا بلفظ واحد، لامتناع كون لفظ واحد حقيقة مجازا. قيل له: إنهم لم يرادوا بلفظ واحد في حال واحدة متى وجد أولاد الصلب، فإن ولد الابن لا يستحقون الميراث معهم بالآية، وليس يمتنع أن يراد ولد الصلب في حال وجودهم وولد الابن في حال عدم ولد الصلب، فيكون اللفظ مستعملا في حالين في إحداهما هو حقيقة وفي الأخرى هو مجاز. ولو أن رجلا قال: " قد أوصيت بثلث مالي لولد فلان وفلان "، وكان لأحدهما
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»