ولد له ولا والد " وقال بعضهم: " من لا ولد له " وأجاب عمر بأجوبة مختلفة ووقف فيها في بعض الأحوال ولم ينكر بعضهم على بعض الكلام فيها بما أداه إليه اجتهاده؟ وفي ذلك دليل على اتفاقهم على تسويغ الاجتهاد في الأحكام.
مطلب: في قوله عليه السلام: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) ويدل على أن ما روى أبو عمران الجوني عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ "، إنما هو فيمن قال فيه بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول، وأن من استدل على حكمه واستنبط معناه فحمله على المحكم المتفق على معناه فهو ممدوح مأجور ممن قال الله تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) [النساء: 83].
وقد تكلم أهل اللغة في معنى الكلالة، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: " الكلالة كل من لم يرثه أب ولا ابن فهو عند العرب كلالة، مصدر من تكلله النسب أي تعطف النسب عليه "، قال أبو عبيدة: " من قرأها يورث بالكسر أراد من ليس بولد ولا والد ". قال أبو بكر: والذي قرأه بالكسر الحسن وأبو رجاء العطاردي.
قال أبو بكر: وقد قيل إن الكلالة في أصل اللغة هو الإحاطة، فمنه الإكليل لإحاطته بالرأس، ومنه الكل لإحاطته بما يدل عليه، فالكلالة في النسب من أحاط بالولد والوالد من الإخوة والأخوات وتكللهما وتعطف عليهما، والولد والوالد ليسا بكلالة لأن أصل النسب وعموده الذي إليه ينتهى هو الولد والوالد، ومن سواهما فهو خارج عنهما وإنما يشتمل عليهما بالانتساب عن غير جهة الولادة ممن نسب إليه كالإكليل المشتمل على الرأس، وهذا يدل على صحة قول من تأولها على من عدا الوالد والولد وأن الولد إذا لم يكن من الكلالة كذلك الوالد، لأن نسبة كل واحد منهما إلى الميت من طريق الولادة وليس كذلك الإخوة والأخوات، لأن نسب كل واحد منهما لا يرجع إلى الميت من طريق ولاد بينهما. ويشبه أن يكون من تأوله على من عدا الوالد وأخرج الولد وحده من الكلالة، أن الولد من الوالد وكأنه بعضه وليس الوالد من الولد كما ليس الأخ والأخت ممن ينسب إليه بالأخوة، فاعتبر من قال ذلك الكلالة بمن لا ينسب إليه بأنه منه وبعضه، فأما من كانت نسبته إلى الميت من حيث هو منه فليس بكلالة.
وقد كان اسم الكلالة مشهورا في الجاهلية، قال عامر بن الطفيل:
فإني وإن كنت ابن فارس عامر * وفي السر منها والصريح المهذب فما سودتني عامر عن كلالة * أبى الله أن أسمو بأم ولا أب