للزوج النصف وللأم السدس وللأخ من الأم السدس وما بقي وهو السدس بين الإخوة والأخوات من الأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين ولم يدخلوا مع الأخ من الأم في نصيبه، فلما كانوا مع ذوي السهام إنما يستحقون باقي المال بالتعصيب لا بالفرض لم يجز لنا إدخالهم مع الإخوة من الأم في فرضهم لأن ظاهر الآية ينفي ذلك، إذ كانت الآية إنما أوجبت لهم ما يأخذونه للذكر مثل حظ الأنثيين بالتعصيب لا بالفرض، فما أعطاهم بالفرض فهو خارج عن حكم الآية، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر "، فجعل للعصبة بقية المال بعد أخذ ذوي السهام سهامهم، فمن أشركهم مع ذوي السهام وهم عصبة فقد خالف الأثر.
فإن قيل: لما اشتركوا في نسب الأم وجب أن لا يحرموا بالأب. قيل له: هذا غلط، لأنها لو تركت زوجا وأما وأخا لأم وإخوة وأخوات لأب وأم لأخذ الأخ من الأم السدس كاملا وأخذ الإخوة والأخوات من الأب والأم السدس الباقي بينهم، وعسى يصيب كل واحد منهم أقل من العشر، ولم يكن لواحد منهم أن يقول قد حرمتموني بالأب مع اشتراكنا في الأم، بل كان نصيب الأخ من الأم أوفر من نصيب كل واحد منهم، فدل ذلك على معنيين: أحدهما انتقاض العلة بالاشتراك في الأم، والثاني: أنهم لم يأخذوا بالفرض وإنما أخذوا بالتعصيب ويدل على فساد ذلك أيضا أنها لو تركت زوجا وأختا لأب وأم وأختا وأخا لأب أن للزوج النصف وللأخت من الأب والأم النصف ولا شئ للأخ والأخت من الأب، لأنهما عصبة، فلا يدخل مع ذوي السهام. ولم يجز أن يجعل الأخ من الأب بمنزلة من لم يكن حتى تستحق الأخت من الأب سهمها الذي كانت تأخذه في حال الانفراد عن الأخ، وإنما التعصيب أخرجها عن السدس الذي كانت تستحقه، كذلك التعصيب يخرج الإخوة من الأب والأم عن الثلث الذي يستحقه الإخوة من الأم، والله أعلم.
ذكر اختلاف السلف في ميراث الأخت مع البنت لم يختلف عن علي وعمر وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل في رجل خلف بنتا وأختا لأب وأم وعصبة أن للبنت النصف وما بقي فللأخت، فجعلوها عصبة مع البنات. وقال عبد الله بن عباس وابن الزبير: " للبنت النصف وما بقي فللعصبة وإن بعد نسبه، ولا حظ للأخت في الميراث مع البنت "، وروى أن ابن الزبير رجع عن ذلك بعد أن قضى به. وروي أنه قيل لعبد الله بن عباس: إن عليا وعبد الله وزيدا كانوا يجعلون الأخوات مع البنات عصبة فيورثونهن فاضل المال، فقال: أأنتم أعلم أم الله؟