" فجئني به ". فأتاه به، فقال: " أنا ههنا منذ ستة أيام أو سبعة ". فحوله يحيى إلى جواره، وفتح بينه وبينه بابا. وكان يأتيه بمحدثي أهل البصرة، يسلمون عليه ويسمعون منه. فكان فيمن أتاه جرير بن حازم والمبارك بن فضالة وحماد بن سلمة ومرحوم العطار وحماد بن زيد وغيرهم.
وأتاه عبد الرحمن بن مهدي ولزمه. فكان يحيى وعبد الرحمن يكتبان عنه تلك الأيام. وكلما أبا عوانة أن يأتيه، فأبى، وقال: " رجل لا يعرفني، كيف آتيه "؟
وذلك أن أبا عوانة سلم عليه بمكة، فلم يرد عليه سفيان السلام. وكلم في ذلك، فقال: (لا أعرفه).
ولما تخوف سفيان ان يشتهر مقامه بالبصرة قرب يحيى بن سعيد، قال له:
" حولني من هذا الموضع ". فحوله إلى منزل الهيثم بن منصور الأعرجي من بني سعد بن زيد مناة من بنى تميم. فلم يزل فيهم.
المراسلة بينه وبين الخليفة وحين قيامه بالبصرة كلمه حماد بن زيد في تنحيه عن السلطان، وقال:
" هذا فعل أهل البدع. وما تخاف منهم؟ ". فأجمع سفيان وحماد بن زيد على أن يقدما بغداد. وكتب سفيان إلى المهدي " أو إلى يعقوب بن داود " فبدأ بنفسه.
فقيل له: " إنهم يغضبون من هذا ". فبدأ بهم. فأتاه جواب كتابه بما يحب من التقريب والكرامة والسمع منه والطاعة (1).
فكان على الخروج إليهم، إذ حمي. واشتد به المرض وقارب الهلاك. فلما أحس بالموت، جزع. فقال له مرحوم بن عبد العزيز: " يا أبا عبد الله، ما هذا الجزع؟ إنك تقدم على الرب الذي كنت تعبده ". فسكن وهدأ وقال: " انظروا من ههنا من أصحابنا الكوفيين ". فأرسلوا إلى عبادان، فقدم عليه عبد الرحمن بن عبد الملك والحسن بن عياش أخو أبى بكر بن عياش. فأوصى إلى الحسن بن عياش في تركته وأوصى عبد الرحمن أن يصلي عليه. فأقاما عنده حتى مات.
فخرج بجنازته على أهل البصرة فجأة وسمعوا بموته. وشهده الخلق. وصلى عليه