حبسه بأمر أبى جعفر ولما تيقن أبو جعفر أن الثوري لا يعدل عن نهجه في نقد الحكومة ولا يبالي في مؤاخذتها أي مؤاخذة كانت، أراد أن يحبسه وينتقم منه انتقاما تاما. فكتب إلى محمد بن إبراهيم، عامله على مكة، بحبس رجل من آل أبي طالب كان بمكة، وبحبس ابن جريج وعباد بن كثير والثوري. فحبسهم. ثم أطلقهم من الحبس بغير إذن أبى جعفر. فغضب عليه أبو جعفر (1).
أمر أبي جعفر بصلب الثوري ولما لم تصل يد أبي جعفر إلى الثوري وظن أنه قد خاب، بعث الخشابين حين خرج إلى مكة في سنة 158 ه (774 م)، وقال: " إن رأيتم سفيان الثوري، فاصلبوه ". فجاء النجارون، ونصبوا الخشب، ونودي سفيان، وإذا رأسه في حجر الفضل بن عياض ورجلاه في حجر ابن عيينة. فقالوا: " يا أبا عبد الله، اتق الله، ولا تشمت بنا الأعداء ". فتقدم إلى أستار الكعبة. ثم أخذها.
ثم قال: " برئت منه، ان دخلها أبو جعفر ". فمات أبو جعفر قبل أن يدخل مكة. فأخبر بذلك سفيان. فلم يقل (2) - حضوره عند المهدى ولما مات أبو جعفر في سنة 158 ه، ظن الثوري أن الخلاف الذي كان بينه وبين الحكومة قد دفن معه. وكان قد قاسى الشدة حين اختفائه بمكة. فكان لا يرى أن يبقى على تلك الحالة الصعبة، بل يود أن يسالم الحكومة ويمسك لسانه.
فجاؤوا به إلى المهدى (3). فلما دخل عليه الثوري، سلم تسليم العامة، والربيع قائم على رأسه متكئا على سيفه يراقب أمره. فأقبل عليه المهدى بوجه طلق، وقال