عبد الرحمن بن عبد الملك، وكان رجلا صالحا رضيه سفيان لنفسه، ونزل في حفرته، ونزل معه خالد بن الحارث وغيرهما، ودفنوه. ثم انصرف عبد الرحمن بن عبد الملك والحسن بن عياش إلى الكوفة، فأخبرا أهلها بموت سفيان (1).
وقال السمعاني: إنه كان انتقل إلى عبد الرحمن بن مهدي قبل موته، فغسله هو ويحيى بن سعيد. ودفن في مقابر بنى كليب بالبصرة وقت العشاء. وكان أبو حاتم الرازي قد زار قبره هناك (2).
وقال الخطيب: " إن بنى تميم كانوا لا يحبون ان يصلي يماني على مضري.
فقيل لهم ما أوصاه به الثوري، فسكتوا " (3).
وقال أبو داود: " مات سفيان بالبصرة، ودفن ليلا، ولم نشهد الصلاة - يعنى عليه - وغدونا على قبره، ومعنا جرير بن حازم وسلام بن مسكين. فتقدم جرير فصلى بنا على قبره. ثم بكى، فقال:
إذا بكيت على قبر لتكرمه * فابك الغداة على الثوري سفيان ورثاه أبو زياد الفقيمي، فقال:
لقد مات سفيان حميدا مبرزا * على كل قار هجنته المطامع يلوذ بأبواب الملوك بنية * مبهرجة، والزي فيه التواضع يشمر عن ساقيه، والرأس فوقه * قلنسوة، فيها اللصيص المخادع جعلتم فداء للذي صان دينه * وفر به حتى حوته المضاجع على غير ذنب كان إلا تنزها * عن الناس، حتى أدركته المصارع بعيد من أبواب الملوك مجانب * وإن طلبوه، لم تنله الأصابع فعيني على سفيان تبكي حزينة * شجاها طريد نازح الدار شاسع يقلب طرفا، لا يرى عند رأسه * قريبا حميما أوجعته الفواجع فجعنا به حبرا فقيها مؤدبا * بفقه جميع الناس قصد الشرائع على مثله تبكي العيون بفقده * على واصل الأرحام، والخلق واسع (4)