قال: فخرج سفيان إلى مكة. وأتى الرجل البصرة، فخطب عليه امرأة من كبار أهل البصرة ممن لها المال والشرف. فأجابوه. وهيأت قطارا من الحشم والمال، حتى قدمت مكة على سفيان. فأتى الرجل سفيان، فقال له: " أخطب عليك "؟ فقال: " من "؟ قال: " ابنة فلان ". فقال: " ما لي فيها حاجه. إنما سألتك أن تزوجني امرأة مثلي ". قال: " فإنهم قد أجابوا ". فقال له: " ما لي فيها حاجه ". قال: " تفضحني عند القوم ". قال: " ما لي فيها حاجه ".
قال: " وكيف أصنع "؟ قال: " إرجع إليهم، فقل لهم: لا حاجة لي فيها ".
قال: فرجع، فأخبرهم. فقالت المرأة: " فبأي شئ يكرهني "؟ قال:
قلت: " المال ". قالت: " فإني أخرج من كل مال لي، وأصبر معه ".
قال: فجاء الرجل فرحا نشيطا، فأخبره، فقال: " لا حاجة لي فيها.
امرأة نشأت في الخير ملكة لا تصبر على هذا ".
فأبى أن يقبلها، فرجعت.
وقيل لسفيان: " أي شئ تكرهه في التزويج "؟ قال: " أخاف أن يكون لي ولد " (1) ومع هذا قد نكح مرتين. فولدت له زوجته الأولى ابنا مات في حياته.
ثم نكح أم أبي حذيفة النهدي حين اختفائه بالبصرة (2)، فلم تلد له. ولم يعقب سفيان. ولأجل ذلك وهب كل ماله " وكان مائة وخمسين دينارا " لأخته وابن أخته عمار بن محمد. ولم يرثه مبارك بن سعيد أخوه (3).
كتب الثوري قد صرح المؤرخون أن للثوري غير واحد من الكتب في التفسير والحديث والفقه والاختلاف والزهد. وعده ابن الجوزي في المصنفين من العلماء المتقدمين (4).