له: " يا سفيان، تفر منا ههنا وههنا، وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك .
فقد قدرنا عليك الآن. أفما تخشى ان نحكم فيك بهوانا "؟ قال سفيان: " إن تحكم في بحكم، يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل ". فقال له الربيع: " ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟ إئذن لي أن أضرب عنقه ". فقال له المهدى: " اسكت، ويلك! وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم، فنشقى بسعادتهم. اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يعترض عليه في حكم ".
فكتب عهده، ودفع إليه، فأخذه وخرج، فرمى به في دجلة وهرب. فطلب في كل بلد، فلم يوجد. ولما امتنع من قضاء الكوفة، وتولاه شريك بن عبد الله النخعي، قال الشاعر:
تحرز سفيان وفر بدينه * وأمسى شريك مرصدا للدراهم (1) أمر المهدى بطلبه قال ابن سعد، فطلب الثوري. فخرج إلى مكة. فكتب المهدى أمير المؤمنين إلى محمد بن إبراهيم، وهو على مكة، يطلبه. فبعث محمد إلى سفيان، فأعلمه ذلك، وقال: " إن كنت تريد إتيان القوم، فاظهر حتى أبعث بك إليهم.
وإن كنت لا تريد ذلك، فتوار ". فتوارى سفيان وطلبه محمد بن إبراهيم، وأمر مناديا، فنادى بمكة: " من جاء بسفيان فله كذا وكذا ". فلم يزل متواريا بمكة لا يظهر إلا لأهل العلم ومن لا يخافه.
وحينما كان متواريا بمكة لقيه الفقر والفاقة. حتى أن أخته بعثت مرة مع أبي شهاب الحناط بجراب فيه (2) كعك وخشكنانج. فقدم هو مكة. فسأل عنه.
فقيل له، إنه ربما يقعد دبر الكعبة مما يلي باب الحناطين. قال أبو شهاب، فأتيته هناك. وكان لي صديقا. فوجدته مستلقيا، فسلمت عليه. فلم يسائلني تلك المسألة، ولم يسلم علي كما كنت أعرف منه. فقلت له: " إن أختك بعثت إليك