تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٩٦
وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب * (48) * إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم * (49) * ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * (50) * ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلم للعبيد * (51) * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب * (52) * ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم * (53) * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين * (54) * إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون * (55) * الذين عهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون * (56) * فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون * (57) * وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين * (58) * ولا يحسبن
____________________
(وإذ) واذكر إذ (زين لهم الشيطان أعمالهم) من حرب الرسول وغيره بوسوسته إليهم (وقال) حين تصور بصورة سراقة بن مالك وأخذ الراية يقدمهم (لا غالب لكم اليوم من الناس) لكثرة عددكم وعددكم (وإني جار لكم) مجيركم (فلما تراءت الفئتان) التقى الجمعان (نكص على عقبيه) رجع هاربا أي بطل كيده (وقال إني برئ منكم إني (1) أرى ما لا ترون) من جنود الملائكة (إني أخاف (2) الله) أن يهلكني بأيديهم (والله شديد العقاب) من كلامه أو مستأنف (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) شك في الإسلام مع إظهاره (غر هؤلاء) أي المسلمين (دينهم) إذ خرجوا مع قلتهم إلى قتال الجيش الكثير ظانين النصر بسببه فأجيبوا (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز) غالب لا يغلب حزبه وإن قل (حكيم) في تدبيره (ولو ترى (3) إذ يتوفى (4) الذين كفروا الملائكة) ببدر ومفعول ترى مقدر أي لو ترى الكفرة حين تتوفاهم الملائكة (يضربون وجوههم) حال منهم أو من الملائكة أو منهما (وأدبارهم) ظهورهم أو أستاههم (وذوقوا) أي يقال ذوقوا (عذاب الحريق) أي نار الآخرة أو مقامع حديد كلما ضربوا التهبت نارا وجواب لو محذوف تهويلا (ذلك) العقاب (بما قدمت أيديكم) أي بسبب ما فعلتم (وأن) بسبب أن (الله ليس بظلام للعبيد) بتعذيبهم بغير ذنب (كدأب (5)) أي دأب هؤلاء وعاداتهم كدأب (آل فرعون والذين من قبلهم) من الأمم (كفروا بآيات الله) بيان لدأبهم (فأخذهم الله) بالعقاب (بذنوبهم) كأخذه هؤلاء (إن الله قوي) لا يمنع (شديد العقاب) لمستحقه (ذلك) التعذيب لهم (بأن) بسبب أن (الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم) مبدلا لها بنقمة (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من النعم بكفرها (وأن الله سميع) لأقوالهم (عليم) بأفعالهم (كدأب (5) آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون) كرر تأكيدا (وكل) من الأمم المكذبة (كانوا ظالمين) أنفسهم بالكفر (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون (6)) لإصرارهم على الكفر (الذين عاهدت منهم) بدل بعض من الذين كفروا وعدي بمن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ (ثم ينقضون عهدهم في كل مرة) عاهدوا فيها وهم قريظة عاهدهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يعينوا المشركين عليه بالسلاح فأعانوهم وقالوا نسينا ثم عاهدهم فأعانوهم يوم الخندق (وهم لا يتقون) الله في نقض العهد (فإما تثقفنهم) تدركنهم في الحرب (فشرد بهم) ففرق ونكل بمعاقبتهم وقتلهم (من خلفهم) من الكفرة (لعلهم يذكرون) لعل من خلفهم يتعظون بهم (وإما تخافن من قوم) عاهدك (خيانة) نقض عهد بأمارة تجدها (فانبذ) عهدهم (إليهم على سواء) أي مستويا أنت وهم في العلم بنقض العهد بأن تعلمهم به قبل حربك لهم لئلا يتهموك بالخيانة (إن الله لا يحب الخائنين) استئناف يعلل الأمر بالنبذ على سواء (ولا يحسبن (7)) يا محمد ومفعولاه.

(1) إني: بكسر النون المشددة وفتح الباء - أرى: بكسر الراء بعدها ياء.
(2) أخاف: بضم الهمزة.
(3) ترى - بكسر الراء. بعدها ياء.
(4) يتوفى بكسر الفاء بعدها ياء.
(5) كدأب.
(6) يؤمنون.
(7) تحسبن: بكسر السين بالياء والتاء.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»