تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٩١
بسم الله الرحمن الرحيم يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين * (1) * إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * (2) * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * (3) * أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجت عند ربهم ومغفرة ورزق كريم * (4) * كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * (5) * يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون * (6) * وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلمته ويقطع دابر الكافرين * (7) * ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون * (8) * إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين * (9) * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم * (10) * إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم
____________________
8 - (سورة الأنفال ست وسبعون آية مدنية وقيل إلا من (وإذ يمكر) إلى آخر سبع آيات) بسم الله الرحمن الرحيم (يسألونك عن الأنفال) عن حكمها وهي كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال، وكل أرض لا رب لها، والمعادن والآجام وبطون الأودية وقطائع الملوك، وميراث من لا وارث له وقرئ يسألونك الأنفال أي أن تعطيهم (قل الأنفال لله والرسول) يختص بهما وجعله الرسول لمن قام مقامه من بعده (فاتقوا الله) في الاختلاف والخلاف (وأصلحوا ذات بينكم) الحال التي بينكم أو حقيقة وصلكم بالمواصلة وترك الشقاق (وأطيعوا الله ورسوله) في أوامرهما ونواهيهما (إن كنتم مؤمنين (1)) كاملي الإيمان (إنما المؤمنون (2)) الكاملو الإيمان (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) خافت لذكره تعظيما له أو إذا ذكر وعيده تركوا المعاصي خوفا من عقابه (وإذا تليت عليهم (3) آياته زادتهم إيمانا) أي تصديقا لرسوخ اليقين بظاهر الحجج (وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) فسر في البقرة (4) (أولئك) المستجمعون لهذه الخصال (هم المؤمنون حقا) أي إيمانا حقا لا يشوبه شك أو حق ذلك حقا (لهم درجات عند ربهم) في الجنة يرتقونها بأعمالهم (ومغفرة ورزق كريم) دائم كثير في الجنة (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) كما متعلق بما دل عليه الأنفال لله والرسول، أي جعلها لك وإن كرهوا ولم يعلموا أنها صالح لهم كإخراجك من وطنك بالمدينة للحرب وإن كرهوه، أو خبر محذوف أي هذه الحال في كراهتهم لها كإخراجك في كراهتهم له (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) حال أي أخرجك في حال كراهتهم، قيل إن عير قريش أقبلت من الشام وفيها أبو سفيان وجماعة فعلم بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فانتدب أصحابه ليغنموها فخرجوا وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فعلمت قريش فخرج أبو جهل بأهل مكة ليذبوا عنها وهم النفير وأخذت العير الساحل فنجت فأشير على أبي جهل بالرجوع فأبى وسار إلى بدر وقد وعد الله نبيه إحدى الطائفتين فاستشار أصحابه فكره بعضهم قتال النفير فقالوا لم نتأهب له إنما خرجنا للعير فقال العير مضت وهذا أبو جهل قد أقبل فرادوه فغضب (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال سعد بن عبادة والمقداد وسعد بن معاذ امض لما أردت فإنا معك ولم يتخلف منا أحد عنك فسر بذلك وقال سيروا على بركة الله (يجادلونك في الحق) أي القتال إذ قالوا هلا أخبرتنا لنستعد له (بعد ما تبين) ظهر وعرفوا صوابه (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) أي هم في كراهتهم له كمن يساق إلى الموت وهو يعاين أسبابه (وإذ) واذكر إذ (يعدكم الله إحدى الطائفتين) العير أو النفير (أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) أي تريدون العير لقلة الناس والسلاح فيها دون النفير لكثرة عدهم وعددهم والشوكة الحدة كنى بها عن الحرب (ويريد الله أن يحق الحق) يثبته

(1) مومنين.
(2) المؤمنون.
(3) عليهم: بضم الهاء.
(4) أنظر الآية 3 منها.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»