تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٧٠
من دونه أولياء قليلا ما تذكرون * (3) * وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بيتا أو هم قائلون * (4) * فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين * (5) * فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين * (6) * فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين * (7) * والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * (8) * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون * (9) * ولقد مكنكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معيش قليلا ما تشكرون * (10) * ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * (11) * قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * (12) * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين * (13) * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * (14) * قال إنك من المنظرين * (15) * قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * (16) * ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمنهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * (17) * قال اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن
____________________
من دونه) ولا تتخذوا غير الله (أولياء) تطيعونهم في معصيته تعالى (قليلا ما تذكرون (1)) أي تذكرا قليلا تتذكرون (وكم من قرية) أي أهلها (أهلكناها) أردنا إهلاكها أو خذلناها (فجاءها بأسنا (2)) عذابنا (بياتا) حال كونهم بائتين (أو هم قائلون) عطف عليه وحذفت واو الحال استثقالا والقيلولة استراحة نصف النهار وخص الوقتان مبالغة في غفلتهم ولأن مجئ العذاب فيهما أفظع (فما كان دعواهم) دعاؤهم (إذ جاءهم بأسنا (3) إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) إلا إقرارهم بظلمهم (فلنسألن الذين أرسل إليهم (4)) أي الأمم عن إجابتهم الرسل (ولنسألن المرسلين) عن تأدية ما حملوا من الرسالة (فلنقصن عليهم) على الرسل والمرسل إليهم أحوالهم (بعلم) عالمين بها أو بمعلومنا منها (وما كنا غائبين) عنها فتخفى علينا (والوزن) أي القضاء أو العدل أو وزن الأعمال بعد تجسيمها أو صحائفها بميزان له لسان وكفتان يراه الخلق إظهارا للعدل وقطعا للعذر (يومئذ) خبر الوزن أي يوم السؤال (الحق) العدل صفة الوزن (فمن ثقلت موازينه) حسناته أو ميزانها جمع موزون أو ميزان وجمع باعتبار تعدد الحسنات أو تعدد الميزان للعقائد والأعمال والأخلاق (فأولئك هم المفلحون) الفائزون بالثواب (ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) بتعريضها للعقاب (بما كانوا بآياتنا يظلمون) يكذبون (ولقد مكناكم في الأرض) في التصرف فيها (وجعلنا لكم فيها معايش) أسبابا تعيشون بها جمع معيشة (قليلا ما تشكرون) على ذلك (ولقد خلقناكم) أنشأناكم أو أباكم آدم غير مصور (ثم صورناكم) أفضنا على مواد خلقكم هذه الصورة (ثم قلنا) بعد خلق آدم وتصويره (للملائكة اسجدوا لآدم) تكرمة له (فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد) لا زائدة أو أريد ما حملك على أن لا تسجد إذ الممنوع من شئ محمول على خلافه (إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) قاس ما بين النار والطين ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين (قال فاهبط منها) من الجنة أو السماء أو من المنزلة الرفيعة هبوطا معنويا (فما يكون لك أن تتكبر فيها) إذ لا يسكنها متكبر (فأخرج إنك من الصاغرين) الأذلاء فالتواضع رفعة والتكبر ضعة (قال أنظرني إلى يوم يبعثون) أمهلني إلى النفخة الثانية (قال إنك من المنظرين) وبين غاية الإنظار في الآية الأخرى بقوله إلى يوم الوقت المعلوم (قال فبما أغويتني) دل على أنه أشعري أو جبري حيث إنه نسب الإغواء إليه تعالى (لأقعدن لهم) لبني آدم (صراطك المستقيم) طريق الحق (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) أي من جهاتهم الأربع فأضلهم عن سلوكه ولم يقل من فوقهم لنزول الرحمة منه ولا من تحتهم لإيحاش الإتيان منه وقبل من بين أيديهم من قبل الآخرة ومن خلفهم من قبل الدنيا والآخران من

(1) ما تذكرون: بتشديد الذال بالفتح.
(2) فجيئها باسنا.
(3) جيئهم باسنا.
(4) إليهم: بضم الهاء.
(5) سراطك.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»