تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٩
والمناقضة للجهل العام في عصره وبيئته ويحتج عليها بتلك الحجج النيرة القيمة على ذلك المنهاج الممتاز بفضيلته.
وإن شئت أن تزداد بصيرة فيما ذكرناه فانظر إلى ما في الأناجيل مما نسبته إلى احتجاجات المسيح وحاشا قدسه منه.
وعلى المنع من الطلاق. وانظر إلى ما اشتملت عليه من الغلط والتحريف. نعم ذكرت الاحتجاج على القيامة من الأموات ولكن ماذا جاءت به من الغلط والخبط في الحجة وأحوال القيامة. وإن شئت الاطلاع على شئ من ذلك فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى صفحة 112 - 116 و 167 و 205 والجزء الأول من الرحلة المدرسية صفحة 72 و 32 - 39 من الطبعة الأولى.
إعجازه من وجهة الاستقامة والسلامة من الاختلاف والتناقض قد خاض القرآن الكريم في فنون المعارف والاصلاح مما يتخصص فيه الممتازون بالرقى في أبواب الفلسفة والسياسة والخطابة والاصلاح من علم اللاهوت أو الاخلاق أو التشريع المدني والتنظيم الإداري أو الفن الحربي أو البشرى والترغيب بالجزاء والانذار والتهديد بالنكال. أو الحج والأمثال. أو تذكرة المواعظ والعبر. وجرى من ذلك في الميادين الشريفة بأحسن أسلوب وأقوم منبج وبلغ في جميع ذلك أكرم الغايات وأعلاها في الرقى وهو يكرر بحسب الحكمة كثيرا من قصصه ومقاصده وفى جميع ذلك لم تشنه زلة اختلاف ولا عثرة تناقض ولا وهو اضطراب ولا سقوط حجة ولا فساد مضمون ولا سخانة بيان. وما هو بارز في جميع العالم لكل من يريد الهدى والفحص والتدبر ينادى بأبهة الافتخار وجمال السداد وشوكة الاستظهار: إن هذا القرآن يهدى للتي هو أقوم (1) أفلا يتدبرون القرآن لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (2) منتشرا في أبوابه ومقاصده. فهل يمكن في العادة أن يكون كل هذا من بشر قد ذكرنا لك عصره ونشأته وتربيته وبلاده وقومه وجهلهم الوحشي الوثني ولك العبرة بكتب العهدين وهى التي منذ قرون عديدة يصفق لاستحسانها أكثر العالم المفتخر بالعلم والتمدن وينسبونها بكمال الاحتفال إلى كرامة الوحي - فكم وكم يوجد فيها من الوهن والسقوط والاختلاف والتناقض؟ وقد ذكر شئ من ذلك في كتب (إظهار الحق والهدى والرحلة المدرسية) واعتبر أيضا أن كل واحد من الأناجيل لا يزيد على صحيفة أسبوعية وقد كثر فيها الخبط والتناقض والاختلاف إلى حد مهول مدهش وقد ذكر شئ منه في الجزء الأول من كتاب الهدى في صفحة 197 - 234 وأيضا أن الأناجيل وكتب العهد الجديد مؤسسة على أن كتب العهدين الرائجة هي كتب وحى إلهي صحيحة.
إذن فاعتبر بأنه كم وقع الاختلاف والتناقض بين الأناجيل والعهد الجديد وبين العهد القديم، وقد ذكر شئ مما ذكرناه في الجزء الأول من الرحلة المدرسية الطبعة الأولى صفحة 132 - 184.
إعجازه في وجهة التشريع العادل ونظام المدنية قد رسول الله (ص) بشرا عاديا في مثل ما ذكرناه مرارا في عصره ونشأته وتربيته وبلاده وقومه وجهلهم وعاداتهم الوحشية، ثم انظر هل يمكن في العادة لمثل هذا البشر إذا لم يكن موحى إليه أن يأتي من عنده ومن بشريته بمثل ما أتى به في القرآن الكريم من الشريعة الحقوقية العادلة والقوانين القيمة والأنظمة المعقولة الجارية بأجمعها على ما هو الصالح للبشر في المدنية والاجتماع والسياسة والحرب ومقدماتها ونتائجها. وجرت في عنايتها بالاصلاح من إدارة جميع العالم إلى الإدارة العائلية والبيتية والزوجية، بل وإلى شؤون الكاتب والشاهد كما سورة البقرة آية 282 فمنعت

(1) سورة الإسراء الآية 9.
(2) سورة النساء الآية 84.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»