تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٢٠
وقال: " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " المجادلة: 11 وقال:
" فأولئك لهم الدرجات العلى " طه: 75 إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ارتفاع مقام الانسان وارتقائه بالايمان والعمل الصالح عطاء من الله غير مجذوذ، وقد سماه تعالى أجرا كما يشير إليه قوله الآتي: " فلهم أجر غير ممنون ".
قوله تعالى: " ثم رددناه أسفل سافلين " ظاهر الرد أن يكون بمعناه المعروف فأسفل منصوب بنزع الخافض، والمراد بأسفل سافلين مقام منحط هو أسفل من سفل من أهل الشقوة والخسران والمعنى ثم رددنا الانسان إلى أسفل من سفل من أهل العذاب.
واحتمل أن يكون الرد بمعنى الجعل أي جعلناه أسفل سافلين، وأن يكون بمعنى التغيير والمعنى ثم غيرناه حال كونه أسفل جمع سافلين، والمراد بالسفالة على أي حال الشقاء والعذاب.
وقيل: المراد بخلق الانسان في أحسن تقويم ما عليه وجوده أوان الشباب من استقامة القوى وكمال الصورة وجمال الهيئة، وبرده إلى أسفل سافلين رده إلى الهرم بتضعيف قواه الظاهرة والباطنة ونكس خلقته فتكون الآية في معنى قوله تعالى: " ومن نعمره ننكسه في الخلق " يس: 68.
وفيه أنه لا يلائمه ما في قوله: " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " من الاستثناء الظاهر في المتصل فان حكم الخلق عام في المؤمن والكافر والصالح والطالح ودعوى أن المؤمن أو المؤمن الصالح مصون من ذلك مجازفة.
وكذا القول بأن المراد بالانسان هو الكافر والمراد بالرد رده إلى جهنم أو إلى نكس الخلق والاستثناء منقطع.
قوله تعالى: " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون " أي غير مقطوع استثناء متصل من جنس الانسان، وتفريع قوله: " فلهم أجر غير ممنون " عليه يؤيد كون المراد من رده إلى أسفل سافلين رده إلى الشقاء والعذاب.
قوله تعالى: " فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين " الخطاب للانسان باعتبار الجنس، وقيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمراد غيره، و " ما " استفهامية توبيخية، و " بالدين " متعلق بيكذبك، والدين الجزاء والمعنى - على ما قيل - ما الذي يجعلك مكذبا بالجزاء يوم القيامة بعد ما جعلنا الانسان طائفتين طائفة مردودة إلى أسفل سافلين وطائفة مأجورة اجرا غير ممنون.
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست