تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠
وهما الاظهار والاخفاء، وظاهر السياق أن مرجع ضمير لهم في الموضعين واحد فالمعنى دعوتهم سرا وعلانية فتارة علانية وتارة سرا سالكا في دعوتي كل مذهب ممكن وسائرا في كل مسير مرجو.
قوله تعالى: " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا - إلى قوله - أنهارا " علل أمرهم بالاستغفار بقوله: " إنه كان غفارا " دلالة على أنه تعالى كثير المغفرة وهي مضافا إلى كثرتها منه سنة مستمرة له تعالى.
وقوله: " يرسل السماء عليكم مدرارا " مجزوم في جواب الامر، والمراد بالسماء السحاب، والمدرار كثير الدرور بالأمطار.
وقوله: " ويمددكم بأموال وبنين " الامداد إلحاق المدد وهو ما يتقوى به الممد على حاجته، والأموال والبنون أقرب الأعضاد الابتدائية التي يستعين بها المجتمع الانساني على حوائجه الحيوية.
وقوله: " ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا " هما من قسم الأموال غير أنهما لكونهما من أبسط ضروريات المعاش خصا بالذكر.
والآيات - كما ترى - تعد النعم الدنيوية وتحكي عنه عليه السلام أنه يعد قومه توافر النعم وتواترها عليهم إن استغفروا ربهم فلمغفرة الذنوب أثر بالغ في رفع المصائب والنقمات العامة وانفتاح أبواب النعم من السماء والأرض أي أن هناك ارتباطا خاصا بين صلاح المجتمع الانساني وفساده وبين الأوضاع العامة الكونية المربوطة بالحياة الانسانية وطيب عيشه ونكده.
كما يدل عليه قوله تعالى: " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس " الروم: 61، وقوله: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " الشورى: 30، وقوله: " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " الأعراف: 94، وقد تقدم في تفسير الآيات ما لا يخلو من نفع في هذا المقام.
قوله تعالى: " ما لكم لا ترجون لله وقارا " استفهام إنكاري والوقار - كما في المجمع - بمعنى العظمة اسم من التوقير بمعنى التعظيم، والرجاء مقابل الخوف وهو الظن بما فيه مسرة، والمراد به في الآية مطلق الاعتقاد على ما قيل، وقيل: المراد به الخوف للملازمة بينهما.
(٣٠)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، الخوف (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست