تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٦
إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده الا خسارا - 21.
ومكروا مكرا كبارا - 22. وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا - 23. وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا - 24.
(بيان) تشير السورة إلى رسالة نوح عليه السلام إلى قومه وإجمال دعوته وعدم استجابتهم له ثم شكواه إلى ربه منهم ودعائه عليهم واستغفاره لنفسه ولوالديه ولمن دخل بيته مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ثم حلول العذاب بهم وإهلاكهم بالاغراق والسورة مكية بشهادة سياق آياتها.
قوله تعالى: " إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم " " أن أنذر قومك " الخ، تفسير لرسالته أي أوحينا إليه أن أنذر " الخ ".
وفي الكلام دلالة على أن قومه كانوا عرضة للعذاب بشركهم ومعاصيهم كما يدل عليه ما حكى من قوله عليه السلام في الآية التالية: " اعبدوا الله واتقوه " وذلك أن الانذار تخويف والتخويف إنما يكون من خطر محتمل لا دافع له لولا التحذر، وقد أفاد قوله: " من قبل أن يأتيهم عذاب أليم " أنه متوجه إليهم غير تاركهم لولا تحذرهم منه.
قوله تعالى: " قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون " بيان لتبليغه رسالته إجمالا بقوله: " إني لكم نذير مبين "، وتفصيلا بقوله: " أن اعبدوا الله " الخ.
وفي إضافته اليوم إلى نفسه إظهار إشفاق ورحمة أي إنكم قومي يجمعكم وإياي مجتمعنا القومي تسوؤني ما أساءكم فلست أريد إلا ما فيه خيركم وسعادتكم إني لكم نذير الخ.
وفي قوله: " أن اعبدوا الله دعوتهم إلى توحيده تعالى في عبادته فإن القوم كانوا وثنيين يعبدون الأصنام، والوثنية لا تجوز عبادة الله سبحانه لا وحده ولا مع غيره، وإنما يعبدون أرباب الأصنام بعبادة الأصنام ليكونوا شفعاء لهم عند الله، ولو جوزوا
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست