معطوفة على قوله: " أنه استمع " الخ.
ولا يخفى فساده فان محصله أن الآيات في مقام الاخبار عما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أقوالهم وقد أخبر عن قولهم: إنا سمعنا قرآنا عجبا فآمنا به بعنوان أنه إخبار عن قولهم ثم حكى سائر أقوالهم بألفاظها فالمعنى أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا كذا وكذا وأوحي إلى أنه تعالى جد ربنا " الخ " وأوحي إلى أنه كان يقول سفيهنا إلى آخر الآيات.
فيرد عليه أن ما وقع في صدر الآيات من لفظة " أنه " و " أنهم " و " أنا " إن لم يكن جزء من لفظهم المحكى كان زائدا مخلا بالكلام، وإن كان جزء من كلامهم المحكي بلفظه لم يكن المحكي من مجموع أن وما بعدها كلاما تاما واحتاج إلى تقدير ما يتم به كلاما حتى تصح الحكاية، ولم ينفع في ذلك عطفه على قوله: " أنه استمع " شيئا فلا تغفل.
قوله تعالى: " وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا " السفه - على ما ذكره الراغب - خفة النفس لنقصان العقل، والشطط القول البعيد من الحق.
والآية أيضا في معنى التأكيد لقولهم: " لن نشرك بربنا أحدا " ومرادهم بسفيههم من سبقهم من مشركي الجن، وقيل: المراد إبليس وهو من الجن، وهو بعيد من سياق قوله: " كان يقول سفيهنا " الخ.
قوله تعالى: " وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا " اعتراف منهم بأنهم ظنوا أن الإنس والجن صادقون فيما يقولون ولا يكذبون على الله فلما وجدوهم مشركين وسمعوهم ينسبون إليه تعالى الصاحبة والولد أذعنوا به وقلدوهم فيما يقولون فأشركوا مثلهم حتى سمعوا القرآن فانكشف لهم الحق، وفيه تكذيب منهم للمشركين من الإنس والجن.
قوله تعالى: " وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا " قال الراغب: العوذ الالتجاء إلى الغير، وقال: رهقه الامر غشيه بقهر انتهى. وفسر الرهق بالاثم، وبالطغيان، وبالخوف، وبالشر، وبالذلة والضعف، وهي تفاسير بلازم المعنى.