تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٥٤
وقوله: (هل امتلأت) استفهام تقريري، وكذا قوله حكاية عنها: (هل من مزيد) ولعل إيراد هذا السؤال والجواب للإشارة إلى أن قهره وعذابه لا يقصر عن الإحاطة بالمجرمين وإيفاء ما يستحقونه من الجزاء قال تعالى: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) التوبة: 49.
واستشكل بأنه مناف لصريح قوله تعالى: (لأملأن جهنم) الآية وأجيب بأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو شئ من طبقاتها من السكنة كما يقال: البلد ممتلئ بأهله.
على أنه يمكن أن يكون هذا القول منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.
وقيل: الاستفهام في قوله: (هل من مزيد للانكار والمعنى: لا مزيد أي لا مكان في يزيد على من ألقى في من المجرمين فقد امتلأت فيكون إشارة إلى ما قضى به في قوله: (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) السجدة: 13، وقوله: (هل امتلأت) في معنى أن يقال: (هل حق القول مني لأملأن جهنم)، وقوله: (هل من مزيد) تقرير وتصديق له.
وربما أيد هذا الوجه قوله تعالى قبل: (ما يبدل القول لدي) على تقدير أن يراد بالقول قوله تعالى: (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين).
قوله تعالى: (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد) شروع في وصف حال المتقين يوم القيامة، والازلاف التقريب، و (غير بعيد) على ما قيل صفة لظرف محذوف والتقدير في مكان غير بعيد.
والمعنى: وقربت الجنة يومئذ للمتقين حال كونها في مكان غير بعيد أي هي بين أيديهم لا تكلف لهم في دخولها.
قوله تعالى: (هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ) الإشارة إلى ما تقدم من الثواب الموعود، والأواب من الأوب بمعنى الرجوع، والمراد كثرة الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة، والحفيظ هو الذي يدوم على حفظ ما عهد الله إليه من أن يترك فيضيع، وقوله: (لكل أواب حفيظ) خبر بعد خبر لهذا أو حال.
قوله تعالى: (من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب) بيان لكل أواب والخشية بالغيب الخوف من عذاب الله حال كونه غائبا غير مرئي له، والإنابة هو
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست