قوله تعالى: (وقال قرينه هذا ما لدي عتيد) لا يخلو السياق من ظهور في أن المراد بهذا القرين الملك الموكل به فإن كان هو السائق كان معنى قوله: (هذا ما لدي عتيد) هذا الانسان الذي هو عندي حاضر، وان كان هو الشهيد كان المعنى هذا - وهو يشير إلى أعماله التي حمل الشهادة عليها - ما عندي من أعماله حاضر مهيأ.
وقيل: المراد بالقرين الشيطان الذي يصاحبه ويغويه، ومعنى كلامه على هذا هذا الانسان هو الذي توليت أمره وملكته حاضر مهيأ لدخول جهنم.
قوله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب) الكفار اسم مبالغة من الكفر، والعنيد المعاند للحق المستمر على عناده، والمعتدي المتجاوز عن الحد المتخطئ للحق، والمريب الشاك أو المشكك في أمر البعث.
وبين هذه الصفات المعدودة شبه الاستلزام فإن كثرة الكفر برد الانسان كل حق يواجهه تنتج العناد مع الحق والاصرار عليه، والاصرار على العناد يوجب المنع عن أكثر الخيرات إذ لا خير إلا في الحق ومن ناحيته، وهو يستلزم الخروج عن حد الحق إلى الباطل وتجاوز الانسان عن حد العبودية إلى الاستكبار والطغيان ويستلزم تشكيك الناس في ما يرومونه من دين الحق.
والخطاب في الآية منه تعالى، وظاهر سياق الآيات أن المخاطب به هما الملكان الموكلان السائق والشهيد، واحتمل بعضهم أن يكون الخطاب إلى ملكين من ملائكة النار وخزنتها.
قوله تعالى: (الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد) العدول في ذكر صفة الشرك عن الايجاز إلى الاطناب حيث لم يقل: مشرك وقال: (الذي جعل) الخ، للإشارة إلى أن هذه الصفة أعظم المعاصي وأم الجرائم التي أتى بها والصفات الرذيلة التي عدت له من الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والإرابة.
وقوله: (فألقياه في العذاب الشديد) تأكيد لما تقدم من الامر بقوله: (ألقيا) الخ، ويلوح إلى تشديد الامر من جهة الشرك، ولذا عقبه بقوله: (في العذاب الشديد).
قوله تعالى: (قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد) المراد بهذا القرين قرينه من الشياطين بلا شك، وقد تكرر في كلامه تعالى ذكر القرين من الشيطان