تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٥٥
الرجوع، والمجئ إلى ربه بقلب منيب أن يتم عمره بالإنابة فيأتي ربه بقلب متلبس بالإنابة.
قوله تعالى: (ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود) خطاب للمتقين أي يقال لهم:
ادخلوا بسلام أي بسلامة وأمن من كل مكروه وسوء، أو بسلام من الله وملائكته عليكم، وقوله: (ذلك يوم الخلود) بشرى يبشرون بها.
قوله تعالى: (لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد) يمكن أن يكون (فيها) متعلقا بيشاؤن أو بمحذوف هو حال من الموصول، والتقدير: حال كون ما يشاؤون فيها أو من الضمير المحذوف الراجع إلى الموصول، والتقدير: ما يشاؤنه حال كونه فيها، والأول أوفق لسعة كرامتهم عند الله سبحانه.
والمحصل: أن أهل الجنة وهم في الجنة يملكون كل ما تعلقت به مشيتهم وإرادتهم كائنا ما كان من غير تقييد واستثناء فلهم كلما أمكن أن يتعلق به الإرادة والمشية لو تعلقت.
وقوله: (ولدينا مزيد) أي ولهم عندنا ما يزيد على ذلك - على ما يفيده السياق - وإذ كان لهم كل ما أمكن أن تتعلق به مشيتهم مما يتعلق به علمهم من المطالب والمقاصد فالمزيد على ذلك أمر أعظم مما تتعلق به مشيتهم لكونه فوق ما يتعلق به علمهم من الكمال.
وقيل: المراد بالمزيد الزيادة على ما يشاؤن من جنس ما يشتهون فإذا شاؤوا رزقا أعطوا منه أكثر مما شاؤوا وأفضل وأعجب كما ورد عن بعضهم أنه تمر بهم السحابة فتقول: ماذا تريدون فأمطره عليكم فلا يريدون شيئا إلا أمطرته عليهم.
وفيه أنه تقييد لاطلاق الكلام من غير مقيد فإن ظاهر قوله: (لهم ما يشاؤن فيها) أنهم يملكون كل ما يمكنهم أن يشاؤا لا تملكهم ما شاؤه بالفعل فالمزيد وراء ما يمكن أن تتعلق به مشيتهم.
وقيل: المراد أنه يضاعف لهم الحسنة بعشر أمثالها وفيه ما في سابقه.
قوله تعالى: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص) التنقيب السير، المحيص المحيد والمنجا.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست