تعالى مرفوعا إليه إلا إذا كان خالصا لوجهه الكريم، قال تعالى: (ألا لله الدين الخالص) الزمر: 3.
قوله تعالى: (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة) الخ، التقبل أبلغ من القبول، والمراد بأحسن ما عملوا طاعاتهم من الواجبات والمندوبات فإنها هي المقبولة المتقبلة وأما المباحات فإنها وإن كانت ذات حسن لكنها ليست بمتقبلة، كذا ذكر في مجمع البيان وهو تفسير حسن ويؤيده مقابلة تقبل أحسن ما عملوا بالتجاوز عن السيئات فكأنه قيل: إن أعمالهم طاعات من الواجبات والمندوبات وهي أحسن أعمالهم فنتقبلها وسيئات فنتجاوز عنها وما ليس بطاعة ولا حسنة فلا شأن له من قبول وغيره.
وقوله: (في أصحاب الجنة) متعلق بقوله: (نتجاوز) أي نتجاوز عن سيئاتهم في جملة من نتجاوز عن سيئاتهم من أصحاب الجنة، فهو حال من ضمير (عنهم).
وقوله: (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) أي يعدهم الله بهذا الكلام وعد الصدق الذي كانوا يوعدونه إلى هذا الحين بلسان الأنبياء والرسل، أو المراد أنه ينجز لهم بهذا التقبل والتجاوز يوم القيامة وعد الصدق الذي كانوا يوعدونه في الدنيا.
قوله تعالى: (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي) لما ذكر الانسان الذي تاب إلى الله وأسلم له وسأله الخلوص والاخلاص وبر والديه وإصلاح أولاده له قابله بهذا الانسان الذي يكفر بالله ورسوله والمعاد ويعق والديه إذا دعواه إلى الايمان وانذراه بالمعاد.
فقوله: (والذي قال لوالديه أف لكما) الظاهر أنه مبتدء في معنى الجمع وخبره قوله بعد: (أولئك الذين) الخ، و (أف) كلمة تبرم يقصد بها إظهار التسخط والتوجع و (أتعدانني أن أخرج) الاستفهام للتوبيخ، والمعنى: أتعدانني أن أخرج من قبري فأحيا وأحضر للحساب أي أتعدانني المعاد (وقد خلت القرون من قبلي) أي والحال أنه هلكت أمم الماضون العائشون من قبلي ولم يحي منهم أحد ولا بعث.
وهذا على زعمهم حجة على نفي المعاد وتقريره أنه لو كان هناك إحياء وبعث لأحيى بعض من هلك إلى هذا الحين وهم فوق حد الاحصاء عددا في أزمنة طويلة لا