تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٠٤
أمد لها ولا خبر عنهم ولا أثر ولم يتنبهوا أن القرون السالفة لو عادوا كما يقولون كان ذلك بعثا لهم وإحياء في الدنيا والذي وعده الله سبحانه هو البعث للحياة الآخرة والقيام لنشأة أخرى غير الدنيا.
وقوله: (وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق) الاستغاثة طلب الغوث من الله أي والحال أن والديه يطلبان من الله أن يغيثهما ويعينهما على إقامة الحجة واستمالته إلى الايمان ويقولان له: ويلك آمن بالله وبما جاء به رسوله ومنه وعده تعالى بالمعاد إن وعد الله بالمعاد من طريق رسله حق.
ومنه يظهر أن مرادهما بقولهما: (آمن) هو الامر بالايمان بالله ورسوله فيما جاء به من عند الله، وقولهما: (إن وعد الله حق) المراد به المعاد، وتعليل الامر بالايمان به لغرض الانذار والتخويف.
وقوله: (فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين) الإشارة بهذا إلى الوعد الذي ذكراه وانذراه به أو مجموع ما كانا يدعوانه إليه والمعنى: فيقول هذا الانسان لوالديه ليس هذا الوعد الذي تنذرانني به أو ليس هذا الذي تدعوانني إليه إلا خرافات الأولين وهم الأمم الأولية الهمجية.
قوله تعالى: (أولئك الذين حق عليهم القول) الخ، تقدم بعض الكلام فيه في تفسير الآية 25 من سورة حم السجدة.
قوله تعالى: (ولكل درجات مما عملوا) إلى آخر الآية أي لكل من المذكورين وهم المؤمنون البررة والكافرون الفجرة منازل ومراتب مختلفة صعودا وحدورا فللجنة درجات وللنار دركات.
ويعود هذا الاختلاف إلى اختلافهم في أنفسهم وإن كان ظهوره في أعمالهم ولذلك قال: (لكل درجات مما عملوا) فالدرجات لهم ومنشأها أعمالهم.
وقوله: (وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون) اللام للغاية والجملة معطوفة على غاية أو غايات أخرى محذوفة لم يتعلق بذكرها غرض، وإنما جعلت غاية لقوله: (هم درجات لأنه في معنى وجعلناهم درجات، والمعنى: جعلناهم درجات لكذا وكذا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست