تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٠٢
استعمالا يظهر به أنها لله سبحانه أنعم بها عليه و ليست له من قبل نفسه ولازمه ظهور العبودية والمملوكية من هذا الانسان في قوله وفعله جميعا.
وتفسير النعمة بقوله: (التي أنعمت علي وعلى والدي) يفيد شكره من قبل نفسه على ما اختص به من النعمة ومن قبل والديه فيما أنعم به عليهما فهو لسان ذاكر لهما بعدهما.
وقوله: (وأن أعمل صالحا ترضاه) عطف على قوله: (أن أشكر) الخ، سؤال متمم لسؤال الشكر على النعم فإن الشكر يحلي ظاهر الأعمال، والصلاحية التي يرتضيها الله تعالى تحلى باطنها وتخلصها له تعالى.
وقوله: (وأصلح لي في ذريتي) الاصلاح في الذرية إيجاد الصلاح فيهم وهو من الله سبحانه توفيقهم للعمل الصالح وينجر إلى إصلاح نفوسهم، وتقييد الاصلاح بقوله:
(لي) للدلالة على أن يكون إصلاحهم بنحو ينتفع هو به أي أن يكون ذريته له في بره وإحسانه كما كان هو لوالديه.
ومحصل الدعاء سؤال أن يلهمه الله شكر نعمته وصالح العمل وأن يكون بارا محسنا بوالديه ويكون ذريته له كما كان هو لوالديه، وقد تقدم غير مرة أن شكر نعمه تعالى بحقيقة معناه هو كون العبد خالصا لله فيؤول معنى الدعاء إلى سؤال خلوص النفس وصلاح العمل.
وقوله: (إني تبت إليك وإني من المسلمين) أي الذين يسلمون الامر لك فلا تريد شيئا إلا أرادوه بل لا يريدون إلا ما أردت.
والجملة في مقام التعليل لما يتضمنه الدعاء من المطالب، ويتبين بالآية حيث ذكر الدعاء ولم يرده بل أيده بما وعد في قوله: (أولئك الذين نتقبل عنهم) الخ، أن التوبة والاسلام لله سبحانه إذا اجتمعا في العبد استعقب ذلك إلهامه تعالى بما يصير به العبد من المخلصين - بفتح اللام - ذاتا والمخلصين - بكسر اللام - عملا أما إخلاص الذات فقد تقدمت الإشارة إليه آنفا، وأما إخلاص العمل فلان العمل لا يكون صالحا لقبوله

(1) تفسير الآية 144 من سورة آل عمران والآية 17 من سورة الأعراف.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست