تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٨٢
الحوادث المجحفة والبلايا النازلة إلى الدهر فيقولون: فعل الدهر كذا، وكانوا يسبون الدهر فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن فاعل هذه الأمور هو الله فلا تسبوا فاعلها انتهى. ويؤيد هذا الوجه الرواية التالية.
وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تبارك وتعالى: لا يقل ابن آدم يسب الدهر يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) الآية، حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن (ن والقلم) قال: إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة: كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد. ثم قال للقلم: أكتب. قال: يا رب ما أكتب؟ قال: اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت. ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم فلن ينطق أبدا.
فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أو لستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام؟ وأحدكم يقول لصحابه: انسخ ذلك الكتاب أو ليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل؟ وهو قوله: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون).
أقول: قوله عليه السلام: فكتب القلم في رق الخ، تمثيل للوح المكتوب فيه الحوادث بالرق والرق ما يكتب فيه شبه الكاغد - على ما ذكره الراغب - وقد تقدم الحديث عنه عليه السلام أن القلم ملك واللوح ملك، وقوله: فجعله في ركن العرش تمثيل للعرش بعرش الملك ذي الأركان والقوائم وقوله: ثم ختم على فم القلم (الخ) كناية عن كون ما كتب في الرق قضاء محتوما لا يتغير ولا يتبدل، وقوله: أو لستم عربا (الخ) إشارة إلى ما تقدم توضيحه في تفسير الآية.
وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إن الله خلق النون وهو الدواة وخلق القلم فقال: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول بر أو فاجر أو رزق مرزوق حلال أو حرام ثم الزم كل شئ من ذلك شأنه: دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم، وخروجه منها كيف؟
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست