تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٤٧
وقوله: (ولكن أكثرهم لا يعلمون) تقريع لهم بالجهل.
قوله تعالى: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين) بيان لصفة اليوم الذي يثبته البرهان السابق وهو يوم القيامة الذي فيه يقوم الناس لرب العالمين.
وسماه الله يوم الفصل لأنه يفصل فيه بين الحق والباطل وبين المحق والمبطل والمتقين والمجرمين أو لأنه يوم القضاء الفصل منه تعالى.
وقوله: (ميقاتهم أجمعين) أي موعد الناس أجمعين أو موعد من تقدم ذكره من قوم تبع وقوم فرعون ومن تقدمهم وقريش وغيرهم.
قوله تعالى: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون) بيان ليوم الفصل، والمولى هو الصاحب الذي له أن يتصرف في أمور صاحبه ويطلق على من يتولى الامر وعلى من يتولى أمره والمولى الأول في الآية هو الأول والثاني هو الثاني.
والآية تنفي أولا إغناء مولى عن مولاه يومئذ، وتخبر ثانيا أنهم لا ينصرون والفرق بين المعنيين أن الاغناء يكون فيما استقل المغني في عمله ولا يكون لمن يغني عنه صنع في ذلك، والنصرة إنما تكون فيما كان للمنصور بعض أسباب الظفر الناقصة ويتم له ذلك بنصرة الناصر.
والوجه في انتفاء الاغناء والنصر يومئذ أن الأسباب المؤثرة في نشأة الحياة الدنيا تسقط يوم القيامة، قال تعالى: (وتقطعت بهم الأسباب) البقرة: 166، وقال:
(فزيلنا بينهم) يونس: 28.
قوله تعالى: (إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم) استثناء من ضمير (لا ينصرون) والآية من أدلة الشفاعة يومئذ وقد تقدم تفصيل القول في الشفاعة في الجزء الأول من الكتاب.
هذا على تقدير رجوع ضمير (لا ينصرون) إلى الناس جميعا على ما هو الظاهر.
وأما لو رجع إلى الكفار كما قيل فالاستثناء منقطع والمعنى: لكن من رحمه الله وهم المتقون فإنهم في غنى عن مولى يغني عنهم وناصر ينصرهم.
وأما ما جوزه بعضهم من كونه استثناء متصلا من (مولى) فقد ظهر فساده مما قدمناه فإن الاغناء إنما هو فيما لم يكن عند الانسان شئ من أسباب النجاة ومن كان
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست