تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٤٨
على هذه الصفة لم يغن عنه مغن ولا استثناء والشفاعة نصرة تحتاج إلى بعض أسباب النجاة وهو الدين المرضي وقد تقدم في بحث الشفاعة، نعم يمكن أن يوجه بما سيجئ في رواية الشحام.
وقوله: (إنه هو العزيز الرحيم) أي الغالب الذي لا يغلبه شئ حتى يمنعه من تعذيب من يريد عذابه، ومفيض الخير على من يريد أن يرحمه ويفيض الخير عليه ومناسبة الاسمين الكريمين لمضامين الآيات ظاهرة.
قوله تعالى: (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) تقدم الكلام في شجرة الزقوم في تفسير سورة الصافات، والأثيم من استقر فيه الاثم إما بالمداومة على معصية أو بالاكثار من المعاصي والآية إلى تمام ثمان آيات بيان حال أهل النار.
قوله تعالى: كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم) المهل هو المذاب من النحاس والرصاص وغيرهما، والغلي والغليان معروف، والحميم الماء الحار الشديد الحرارة، وقوله: (كالمهل) خبر ثان لقوله: (إن) كما أن قوله: (طعام الأثيم) خبر أول، وقوله: (يغلي في البطون كغلي الحميم) خبر ثالث، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: (خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم) الاعتلاء الزعزعة والدفع بعنف وسواء الجحيم وسطه، والخطاب للملائكة الموكلين على النار أي نقول للملائكة خذوا الأثيم وادفعوه بعنف إلى وسط النار لتحيط به قال تعالى: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) التوبة: 49.
قوله تعالى: (ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم) كأن المراد بالعذاب ما يعذب به، وإضافته إلى الحميم بيانية والمعنى: ثم صبوا فوق رأسه من الحميم الذي يعذب به.
قوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) خطاب يخاطب به الأثيم وهو يقاسي العذاب بعد العذاب، وتوصيفه بالعزة والكرامة على ما هو عليه من الذلة واللامة استهزاء به تشديدا لعذابه وقد كان يرى في الدنيا لنفسه عزة وكرامة لا تفارقانه كما يظهر مما حكى الله سبحانه من قوله: (وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) حم السجدة: 50.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست