تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٣٨
(عنه) للرسول و (معلم مجنون) خبران لمبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى الرسول والمعنى: ثم أعرضوا عن الرسول وقالوا هو معلم مجنون فرموه أولا بأنه معلم يعلمه غيره فيسند ما تعلمه إلى الله سبحانه، قال تعالى: (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) النحل: 103، وثانيا بأنه مجنون مختل العقل.
قوله تعالى: (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون) أي إنا كاشفون للعذاب زمانا انكم عائدون إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب هذا بناء على القول الأول والآية تأكيد لرد صدقهم فيما وعدوه من الايمان.
وأما على القول الثاني فالأقرب أن المعنى: إنكم عائدون إلى العذاب يوم القيامة.
قوله تعالى: (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) البطش - على ما ذكره الراغب - تناول الشئ بصولة، وهذا اليوم بناء على القول الأول المذكور يوم بدر وبناء على القول الثاني يوم القيامة، وربما أيد توصيف البطشة بالكبرى هذا القول الثاني فإن بطش يوم القيامة وعذابه أكبر البطش والعذاب، قال تعالى: (فيعذبه الله العذاب الأكبر) الغاشية: 24، كما أن أجره أكبر الاجر قال تعالى: (ولاجر الآخرة أكبر) النحل: 41.
قوله تعالى: (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم) الفتنة الامتحان والابتلاء للحصول على حقيقة الشئ، وقوله: (وجاءهم رسول كريم) الخ، تفسير للامتحان، والرسول الكريم موسى عليه السلام، والكريم هو المتصف بالخصال الحميدة قال الراغب: الكرم إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لاحسانه وإنعامه المتظاهر نحو قوله: (إن ربي غني كريم) وإذا وصف به الانسان فهو اسم للأخلاق والافعال المحمودة التي تظهر منه، ولا يقال: هو كريم حتى يظهر ذلك منه، قال: وكل شئ شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم قال تعالى: (وأنبتنا فيها من كل زوج كريم) (وزروع ومقام كريم) (إنه لقرآن كريم) (وقل لهما قولا كريما) انتهى.
قوله تعالى: (أن أدوا إلى عباد الله إني لكم رسول أمين) تفسير لمجئ الرسول فإن معنى مجئ الرسول تبليغ الرسالة وكان من رسالة موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه أن يرسلوا معهم بني إسرائيل ولا يعذبوهم، والمراد بعباد الله بنو إسرائيل وعبر عنهم
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست