إما سلعة معه، وإما خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك أن يستغني إلا به وإما باب من العلوم والحكم هو فقير إلى أن يستفيدها من هذا الفقير الذي يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني، وذلك الملك يحتاج إلى علم هذا الفقير أو رأيه أو معرفته.
ثم ليس للملك أن يقول: هلا اجتمع إلى مالي علم هذا الفقير ولا للفقير أن يقول:
هلا اجتمع إلى رأيي ومعرفتي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الملك الغني، ثم قال تعالى: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا).
ثم قال: يا محمد (ورحمة ربك خير مما يجمعون) أي ما يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا.
وفي الكافي بإسناده عن سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليه السلام عن قول الله عز وجل: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة) قال: عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لجعلنا لمن يكفر بالرحمان) إلى آخر الآية.
وفي تفسير القمي بإسناده عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (فإما نذهبن بك) يا محمد من مكة إلى المدينة فإما رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام.
وفي الدر المنثور أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن قتادة في قوله: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) قال: قال أنس ذهب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبقيت النقمة ولم ير الله نبيه في أمته شيئا يكرهه حتى قبض ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته إلا نبيكم رأى ما يصيب أمته بعده فما رؤي ضاحكا منبسطا حتى قبض.
أقول: وروى فيه هذا المعنى عنه وعن علي بن أبي طالب وعن غيرهما بطرق أخرى.
وفيه أخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) نزلت في علي بن أبي طالب انه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي.
أقول: ظاهر الرواية وما قبلها وما في معناهما أن الوعيد في الآيتين للمنحرفين عن الحق من أهل القبلة دون كفار قريش.