وأن كتابه النازل عليه حق وهو رسول مبين لا يستجيب دعوته إلا المتقون ولا يعرض عنها إلا قرناء الشياطين، ولا مطمع في إيمانهم وسينتقم الله منهم.
فأكد عليه الامر بعد ذلك كله أن يجد في التمسك بالكتاب الذي أوحي إليه لأنه على صراط مستقيم.
قوله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) الظاهر أن المراد بالذكر ذكر الله، وبهذا المعنى تكرر مرارا في السورة، واللام في (لك ولقومك) للاختصاص بمعنى توجه ما فيه من التكاليف إليهم، ويؤيده بعض التأييد قوله: (وسوف تسألون) أي عنه يوم القيامة.
وعن أكثر المفسرين أن المراد بالذكر الشرف الذي يذكر به، والمعنى: وإنه لشرف عظيم لك ولقومك من العرب تذكرون به بين الأمم.
قوله تعالى: (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) قيل: المراد بالسؤال منهم السؤال من أممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى:
(فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك) يونس: 94، وفائدة هذا المجاز أن المسؤول عنه السؤال منهم عين ما جاءت به رسلهم لا ما يجيبونه من تلقاء أنفسهم.
وقيل: المراد السؤال من أهل الكتابين: التوراة والإنجيل فإنهم وإن كفروا لكن الحجة تقوم بتواتر خبرهم، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والتكليف لامته.
وبعد الوجهين غير خفي ويزيد الثاني بعدا التخصيص بأهل الكتابين من غير مخصص ظاهر.
وقيل: الآية مما خوطب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج أن يسأل أرواح الأنبياء عليه السلام وقد اجتمع بهم أن يسألهم هل جاؤوا بدين وراء دين التوحيد.
وقد وردت به غير واحدة من الروايات عن أئمة أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم وسيوافيك في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.