تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٠٦
(بحث روائي) في المجمع في قوله تعالى: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) وقيل: الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة إلى يوم الدين. عن أبي عبد الله عليه السلام.
أقول: وفي هذا المعنى روايات اخر وقد طبقت الآية في بعضها على الإمامة في عقب الحسين عليه السلام.
والتأمل في الروايات يعطي أن بناءها على إرجاع الضمير في (جعلها) إلى الهداية المفهومة من قوله: (سيهدين) وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: إني جاعلك للناس إماما) أن الامام وظيفته هداية الناس في ملكوت أعمالهم بمعنى سوقهم إلى الله سبحانه بارشادهم وإيرادهم درجات القرب من الله سبحانه وإنزال كل ذي عمل منزله الذي يستدعيه عمله، وحقيقة الهداية من الله سبحانه وتنسب إليه بالتبع أو بالعرض.
وفعلية الهداية النازلة من الله إلى الناس تشمله أولا ثم تفيض عنه إلى غيره فله أتم الهداية ولغيره ما هي دونها وما ذكره إبراهيم عليه السلام في قوله: (فإنه سيهدين) هداية مطلقة تقبل الانطباق على أتم مراتب الهداية التي هي حظ الامام منها فهي الإمامة وجعلها كلمة باقية في عقبه جعل الإمامة كذلك.
وفي الاحتجاج عن العسكري عن أبيه عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة إذ قال له عبد الله بن أمية المخزومي: لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا، على رجل من القريتين عظيم: إما الوليد بن المغيرة بمكة وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.
ثم ذكر عليه السلام في كلام طويل جواب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله بما في معنى الآيات.
ثم قال: وذلك قوله تعالى: (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) قال الله: (أهم يقسمون رحمة ربك) يا محمد (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) فأحوجنا بعضنا إلى بعض أحوج هذا إلى مال ذلك وأحوج ذلك إلى سلعة هذا والى خدمته.
فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست