تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٠٤
وقوله: (أنكم في العذاب مشتركون) تعليلا له ثانيا ولازم التطابق بين التعليلين أن يذكر ثانيا القضاء على المتمنين التابعين بالعذاب لا باشتراك التابعين والمتبوعين فيه.
وقال بعضهم: معنى الآية أنه لا يخفف الاشتراك عنكم شيئا من العذاب لان لكل واحد منكم ومن قرنائكم الحظ الأوفر من العذاب.
وفيه أن ما ذكر من سبب عدم النفع وإن فرض صحيحا في نفسه لكن لا دلالة عليه من جهة لفظ الآية ولا سياق الكلام.
وقال بعضهم: المعنى: لا ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الواقعين في شدائد الدنيا اشتراكهم فيها لتعاونهم في تحمل أعبائها وتقسمهم لعنائها لان لكل منكم ومن قرنائكم من العذاب ما لا تبلغه طاقته.
وفيه ما في سابقه من الكلام، ورد أيضا بأن الانتفاع بذلك الوجه ليس مما يخطر ببالهم حتى يرد عليهم بنفيه.
قوله تعالى: (أفانت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين) لما ذكر تقييضه القرناء لهم وتقليبهم إدراكهم بحيث يرون الضلال هدى ولا يقدرون على معرفة الحق فرع عليه أن نبه صلى الله عليه وآله وسلم أن هؤلاء صم عمي لا يقدر هو على إسماعهم كلمة الحق وهدايتهم إلى سبيل الرشد فلا يتجشم ولا يتكلف في دعوتهم ولا يحزن لاعراضهم، والاستفهام للانكار، الباقي ظاهر.
قوله تعالى: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون) المراد بالاذهاب به توفيه صلى الله عليه وآله وسلم قبل الانتقام منهم، وقيل:
المراد إذهابه بإخراجه من بينهم، وقوله: (فإنا منهم منتقمون) أي لا محالة، والمراد بإراءته ما وعدهم الانتقام منهم قبل توفيه صلى الله عليه وآله وسلم أو حال كونه بينهم، وقوله: (فإنا عليهم مقتدرون) أي اقتدارنا يفوق عليهم.
وقوله في الصدر: (فإما نذهبن بك) أصله إن نذهب بك زيدت عليه ما والنون للتأكيد، ومحصل الآية إنا منتقمون منهم بعد توفيك أو قبلها لا محالة.
قوله تعالى: (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) الظاهر أنه تفريع لجميع ما تقدم من أن إنزال الذكر من طريق الوحي والنبوة من سننه تعالى
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست