تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١١٠
قوله تعالى: (وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون) ما في (بما عهد عندك) مصدرية أي بعهده عندك والمراد به عهده أن يكشف عنهم العذاب لو آمنوا كما قيل أو أن يستجيب دعاءه إذا دعا كما احتمله بعضهم.
وقولهم: يا أيها الساحر خطاب استهزاء استكبارا منهم كما قالوا: ادع ربك ولم يقولوا: ادع ربنا أو ادع الله استكبارا، والمراد أنهم طلبوا منه الدعاء لكشف العذاب عنهم ووعدوه الاهتداء.
وقيل: معنى الساحر في عرفهم العالم وكان الساحر عندهم عظيما يعظمونه ولم يكن صفة ذم. وليس بذاك بل كانوا ساخرين على استكبارهم كما يشهد به قولهم:
ادع لنا ربك.
قوله تعالى: (فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون) النكث نقض العهد وخلف الوعد، ووعدهم هو قولهم: (إننا لمهتدون).
قوله تعالى: (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) أي ناداهم وهو بينهم، وفصل (قال) لكونه في موضع جواب السؤال كأنه قيل: فماذا قال؟ فقيل: قال كذا.
وقوله: (وهذه الأنهار تجري من تحتي) أي من تحت قصري أو من بستاني الذي فيه قصري المرتفع العالي البناء، والجملة أعني قوله: و (هذه الأنهار) الخ، حالية أو (وهذه الأنهار) معطوف على (ملك مصر) وقوله: (تجري من تحتي) حال من الأنهار، والأنهار أنهار النيل.
وقوله: (أفلا تبصرون) في معنى تكرير الاستفهام السابق في قوله: (أليس لي ملك مصر) الخ، قوله تعالى: (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) المهين الحقير الضعيف من المهانة بمعنى الحقارة، ويريد بالمهين موسى عليه السلام لما به من الفقر ورثاثة الحال.
وقوله: (ولا يكاد يبين) أي يفصح عن مراده ولعله كان يصف موسى عليه السلام به باعتبار ما كان عليه قبل الرسالة لكن الله رفع عنه ذلك لقوله: (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى) طه: 36 بعد قوله عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي طه: 28.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست