تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١١٨
فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على الطهيان وقوله: (يخلفون) أي يخلفون بني آدم ويكونون خلفاء لهم، والمعنى: ولو نشاء أهلكناكم وجعلنا بدلكم ملائكة يسكنون الأرض ويعمرونها ويعبدون الله.
وفيه أنه لا يلائم النظم تلك الملاءمة.
قوله تعالى: (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم) ضمير (إنه) لعيسى عليه السلام والمراد بالعلم ما يعلم به، والمعنى: وإن عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى فيعلم به أن الساعة ممكنة فلا تشكوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة.
وقيل: المراد بكونه علما للساعة كونه من أشراطها ينزل على الأرض فيعلم به قرب الساعة.
وقيل: الضمير للقرآن وكونه علما للساعة كونه آخر الكتب المنزلة من السماء.
وفي الوجهين جميعا خفاء التفريع الذي في قوله: (فلا تمترن بها).
وقوله: (واتبعون هذا صراط مستقيم) قيل: هو من كلامه تعالى، والمعنى:
اتبعوا هداي أو شرعي أو رسولي، وقيل: من كلام الرسول بأمر منه تعالى.
قوله تعالى: (ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين) الصد الصرف، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة) الخ، المراد بالبينات الآيات البينات من المعجزات، وبالحكمة المعارف الإلهية من العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة.
وقوله: (ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه) أي في حكمه من الحوادث والافعال، والذي يختلفون فيه وإن كان أعم من الاعتقادات التي يختلف في كونها حقة أو باطلة والحوادث والافعال التي يختلف في مشروع حكمها لكن المناسب لسبق قوله:
(قد جئتكم بالحكمة) أن يختص ما اختلفوا فيه بالحوادث والافعال والله أعلم.

(1) الطهيان قلة الجبل، ومعنى البيت: ليت لنا بدلا من ماء زمزم شربة من الماء مبردة بقيت ليلة على قلة الجبل.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست