النبات ذكرى لأولى الألباب وهم عباده المتقون وقد ذكر قبل أنهم الذين هداهم الله ذكر في هذه الآية أنهم ليسوا كغيرهم من الضالين وأوضح السبب في ذلك وهو أنهم على نور من ربهم يبصرون به الحق وفي قلوبهم لين لا تعصي عن قبول ما يلقى إليهم من أحسن القول.
فقوله: " أفمن شرح الله صدره " خبره محذوف يدل عليه قوله: " فويل للقاسية قلوبهم " الخ أي كالقاسية قلوبهم والاستفهام للانكار أي لا يستويان.
وشرح الصدر بسطه ليسع ما يلقى إليه من القول وإذ كان ذلك للاسلام وهو التسليم لله فيما أراد وليس إلا الحق كان معناه كون الانسان بحيث يقبل ما يلقى إليه من القول الحق ولا يرده، وليس قبولا من غير دراية وكيفما كان بل عن بصيرة بالحق وعرفان بالرشد ولذا عقبه بقوله: " فهو على نور من ربه " فجعله بحسب التمثيل راكب نور يسير عليه ويبصر ما يمر به في ساحة صدره الرحب الوسيع من الحق فيبصره ويميزه من الباطل بخلاف الضال الذي لا في صدره شرح فيسع الحق ولا هو راكب نور من ربه فيبصر الحق ويميزه.
وقوله: " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله " تفريع على الجملة السابقة بما يدل على أن القاسية القلوب - وقساوة القلب وصلابته لازمة عدم شرح الصدر وعدم النور - لا يتذكرون بآيات الله فلا يهتدون إلى ما تدل عليه من الحق، ولذا عقبه بقوله: " أولئك في ضلال مبين ".
وفي الآية تعريف الهداية بلازمها وهو شرح الصدر وجعله على نور من ربه، وتعريف الضلال بلازمه وهو قساوة القلب من ذكر الله.
وقد تقدم في تفسير قوله: " ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام " الآية الانعام: 125 كلام في معنى الهداية فراجع.
قوله تعالى: " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني " إلى آخر الآية كالاجمال بعد التفصيل بالنسبة إلى الآية السابقة بالنظر إلى ما يتحصل من الآية في معنى الهداية وان كانت بيانا لهداية القرآن.