قوله تعالى: " ليكفر الله عنهم أسوء الذي عملوا " إلى آخر الآية ومن المعلوم أنه إذا كفر أسوء أعمالهم كفر ما دون ذلك، والمراد بأسوء الذي عملوا ما هو كالشرك والكبائر.
قال في مجمع البيان في الآية: أي أسقط الله عنهم عقاب الشرك والمعاصي التي فعلوها قبل ذلك بإيمانهم وإحسانهم ورجوعهم إلى الله تعالى انتهى وهو حسن من جهة تعميم الأعمال السيئة، ومن جهة تقييد التكفير بكونه قبل ذلك بالايمان والاحسان والتوبة فإن الآية تبين أثر تصديق الصدق الذي أتاهم وهو تكفير السيئات بالتصديق والجزاء الحسن في الآخرة.
وقوله: " ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ".
قيل: المراد أنه ينظر إلى أعمالهم فيجازيهم في أحسنها جزاءه اللائق به وفي غير الأحسن يجازيهم جزاء الأحسن فالباء للمقابلة نحو بعت هذا بهذا.
ويمكن أن يقال: إن المراد أنه ينظر إلى أرفع أعمالهم درجة فيترفع درجتهم بحسبه فلا يضيع شئ مما هو آخر ما بلغه عملهم من الكمال لكن في جريان نظير الكلام في تكفير الأسوء خفاء.
وقيل: صيغة التفضيل في الآية " أسوء " و " أحسن " مستعملة في الزيادة المطلقة من غير نظر إلى مفضل عليه فإن معصية الله كلها أسوء وطاعته كلها أحسن.
قوله تعالى: " أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه " المراد بالذين من دونه آلهتهم من دون الله على ما يستفاد من السياق، والمراد بالعبد من مدحه الله تعالى في الآيات السابقة ويشمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شمولا أوليا.
والاستفهام للتقرير والمعنى هو يكفيهم، وفيه تأمين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبال تخويفهم إياه بآلهتهم وكناية عن وعده بالكفاية كما صرح به في قوله: " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " البقرة: 137.
قوله تعالى: " ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل " الخ جملتان كالمتعاكستين مرسلتان إرسال الضوابط الكلية ولذا جئ فيهما باسم الجلالة