إشعار بأن الهداية من فضله وليس بموجب فيها مضطر إليها.
وقيل: المشار إليه بقوله: " ذلك هدى الله " القرآن وهو كما ترى، وقد استدل بالآيات على أن الهداية من صنع الله لا يشاركه فيها غيره، والحق أنها خالية عن الدلالة على ذلك وإن كان الحق هو ذلك بمعنى كونها لله سبحانه أصالة ولمن اختاره من عباده لذلك تبعا كما يستفاد من مثل قوله: " قل إن هدى الله هو الهدى " البقرة: 120 وقوله: " إن علينا للهدى " الليل: 12، وقوله: " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " الأنبياء: 73، وقوله: " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم " الشورى: 52.
فالهداية كلها لله إما بلا واسطة أو بواسطة الهداة المهديين من خلقه وعلى هذا فمن أضله من خلقه بأن لم يهده بالواسطة ولا بلا واسطة فلا هادي له وذلك قوله في ذيل الآية: " ومن يضلل الله فما له من هاد " وسيأتي الجملة بعد عدة آيات وهي متكررة في كلامه تعالى.
قوله تعالى: " أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون " مقايسة بين أهل العذاب يوم القيامة والآمنين منه والفريقان هما أهل الضلال وأهل الهدى ولذا عقب الآية السابقة بهذه الآية.
والاستفهام للانكار وخبر " من " محذوف والتقدير كمن هو في أمن منه، ويوم القيامة متعلق بيتقي، والمعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة لكون يده التي بها كان يتقي المكاره مغلولة إلى عنقه كمن هو آمن من العذاب لا يصيبه مكروه. كذا قيل.
وقيل: الاتقاء بوجهه بالمعنى المذكور لا وجه له لان الوجه ليس مما يتقي به بل المراد الاتقاء بكليته أو بخصوص وجهه سوء عذاب يوم القيامة ويوم القيامة قيد للعذاب والمراد عكس الوجه السابق، والمعنى أفمن يتقي سوء العذاب الذي يوم القيامة في الدنيا بتقوى الله كالمصر على كفره، ولا يخلو من التكلف.
وقوله: " وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون " القول لملائكة النار، والظاهر أن الجملة بتقدير قد أو بدونه والأصل وقيل لهم ذوقوا " الخ " لكن وضع الظاهر موضع