أمره " يوسف: 21، وقال: " إن الله بالغ أمره " الطلاق: 3.
ومن هنا يظهر أن الملائكة موجودات منزهة في وجودهم عن المادة الجسمانية التي هي في معرض الزوال والفساد والتغير ومن شأنها الاستكمال التدريجي الذي تتوجه به إلى غايتها، وربما صادفت الموانع والآفات فحرمت الغاية وبطلت دون البلوغ إليها.
ومن هنا يظهر أن ما ورد في الروايات من صور الملائكة وأشكالهم وهيآتهم الجسمانية كما تقدم نبذة منها في البحث الروائي السابق إنما هو بيان تمثلاتهم وظهوراتهم للواصفين من الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وليس من التصور والتشكل في شئ ففرق بين التمثل والتشكل فتمثل الملك إنسانا هو ظهوره لمن يشاهده في صورة الانسان فهو في ظرف المشاهدة والادراك ذو صورة الانسان وشكله وفي نفسه والخارج من ظرف الادراك ملك ذو صورة ملكية وهذا بخلاف التشكل والتصور فإنه لو تشكل بشكل الانسان وتصور بصورته صار إنسانا في نفسه من غير فرق بين ظرف الادراك والخارج عنه فهو إنسان في العين والذهن معا؟ وقد تقدم كلام في معنى التمثل في تفسير سورة مريم.
ولقد صدق الله سبحانه ما تقدم من معنى التمثل في قوله في قصة المسيح ومريم:
" فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا " مريم: 17 وقد تقدم تفسيره.
وأما ما شاع في الألسن أن الملك جسم لطيف يتشكل بأشكال مختلفة إلا الكلب والخنزير، والجن جسم لطيف يتشكل بأشكال مختلفة حتى الكلب والخنزير فمما لا دليل عليه من عقل ولا نقل من كتاب أو سنة معتبرة، وأما ما ادعاه بعضهم من إجماع المسلمين على ذلك فمضافا إلى منعه لا دليل على حجيته في أمثال هذه المسائل الاعتقادية.
* * * ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم - 2. يا أيها الناس اذكروا