تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٧٠
الموهوبة مترشحة من كمال ذاتي من صفاته الذاتية يستحق بها الثناء فله كل الثناء ولا يستقل شئ غيره بشئ من الثناء يثنى عليه به الا وينتهي إليه والعبادة ثناء بقول أو فعل فهو المعبود المستحق للعبادة وحده.
وأما قوله: (وله الحكم) فلانه سبحانه هو المالك على الاطلاق لا يملك غيره الا ما ملكه إياه وهو المالك لما ملكه وهو سبحانه مالك في مرحلة التشريع والاعتبار كما أنه مالك في مرحلة التكوين والحقيقة، ومن آثار ملكه أن يقضى على عبيده ومملوكيه أن لا يعبدوا الا إياه.
وأما قوله: (واليه ترجعون) فلان الرجوع للحساب والجزاء وإذ كان هو المرجع فهو المحاسب المجازى وإذ كان هو المحاسب المجازى وحده فهو الذي يجب أن يعبد وحده وله دين يجب أن يتعبد به وحده.
قوله تعالى: (قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة) إلى آخر الآية، السرمد على فعلل بمعنى الدائم، وقيل: هو من السرد والميم زائدة ومعناه المتتابع المطرد، وتقييده بيوم القيامة إذ لا ليل بعد يوم القيامة.
وقوله: (من اله غير الله يأتيكم بضياء) أي من الاله الذي ينقض حكمه تعالى ويأتيكم بضياء تستضيئون به وتسعون في طلب المعاش، هذا ما يشهد به السياق، ويجرى نظيره في قوله الآتي: (من اله يأتيكم بليل) الخ.
وبذلك يندفع ما استشكل على الآيتين من أنه لو فرض تحقق جعل الليل سرمدا إلى يوم القيامة لم يتصور معه الاتيان بضياء أصلا لان الذي يأتي به اما هو الله تعالى واما هو غيره أما غيره فعجزه عن ذلك ظاهر، وأما الله تعالى فاتيانه به يستلزم اجتماع الليل والنهار وهو محال والمحال لا يتعلق به القدرة ولا الإرادة، وكذا الكلام في جانب النهار.
وربما أجيب عنه بأن المراد بقوله: (ان جعل الله عليكم) ان أراد الله أن يجعل عليكم. وهو كما ترى.
وكان مقتضى الظاهر أن يقال: من اله غير الله يأتيكم بنهار، على ما يقتضيه سياق المقابلة بين الليل والنهار في الكلام لكن العدول إلى ذكر الضياء بدل النهار من قبيل
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست