تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٦٩
الوجود والاستغناء عنه تعالى ولا تتم الا مع الاشتراك معه تعالى في صفة الألوهية.
وفى قوله: (وربك يخلق) التفات من التكلم بالغير إلى الغيبة والنكتة فيه تأييد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقويته وتطييب نفسه بإضافة صفة الرب إليه فان معناه ان ما أرسله به من الحكم ماض غير مردود فلا خيرة لهم في قبوله ورده، ولأنهم لا يقبلون ربوبيته.
وفى قوله: (سبحان الله) وضع الظاهر موضع المضمر والنكتة فيه ارجاع الامر إلى الذات المتعالية التي هي المبدأ للتنزه والتعالي عن كل ما لا يليق بساحة قدسه فإنه تعالى يتصف بكل كمال ويتنزه عن كل نقص لأنه هو الله عز اسمه.
قوله تعالى: (وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون) الأكنان الاخفاء والاعلان الاظهار، ولكون الصدر يعد مخزنا للاسرار نسب الأكنان إلى الصدور والاعلان إليهم أنفسهم.
ولعل تعقيب الآية السابقة بهذه الآية للإشارة إلى أنه تعالى انما اختار لهم ما اختار لعلمه بما في ظاهرهم وباطنهم من أوساخ الشرك والمعصية فطهرهم بذلك بحكمته.
قوله تعالى: (وهو الله لا اله الا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون) ظاهر السياق أن الضمير في صدر الآية راجع إلى (ربك) في الآية السابقة، والظاهر على هذا أن اللام في اسم الجلالة للتلميح إلى معنى الوصف، وقوله: (لا اله الا هو) تأكيد للحصر المستفاد من قوله: (هو الله) كأنه قيل: وهو الاله - المتصف وحده بالألوهية - لا اله الا هو.
وعلى ذلك فالآية كالمتمم لبيان الآية السابقة كأنه قيل: هو سبحانه مختار له أن يختار عليهم أن يعبدوه وحده، وهو يعلم ظاهرهم وباطنهم فله أن يقضى عليهم أن يعبدوه وحده وهو الاله المستحق للعبادة وحده فيجب عليهم أن يعبدوه وحده.
ويكون ما في ذيل الآية من قوله: (له الحمد) الخ، وجوها ثلاثة توجه كونه تعالى معبودا مستحقا للعبادة وحده.
أما قوله: (له الحمد في الأولى والآخرة) فلان كل كمال موجود في الدنيا والآخرة نعمة نازلة منه تعالى يستحق بها جميل الثناء، وكل جميل من هذه النعم
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست