تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٦٥
وقوله: (تبرأنا إليك) تبر منهم مطلقا حيث لم يكن لهم أن يلجؤهم ويسلبوا منهم الاختيار، وقوله: (ما كانوا إيانا يعبدون) أي بالجاء منا، أو لتبرينا من أعمالهم فان من تبرء من عمل لم ينتسب إليه والى هذا المعنى يؤل قوله تعالى في مواضع من كلامه في وصف هذا الموقف: (وضل عنهم ما كانوا يفترون) الانعام: 24 (وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل) حم السجدة: 48 (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) يونس: 28، إلى غير ذلك من الآيات فافهم.
وقيل: المعنى تبرأنا إليك من أعمالهم ما كانوا إيانا يعبدون بل كانوا يعبدون أهواءهم أو كانوا يعبدون الشياطين. ولا يخلو من سخافة.
ولكون كل من قوليه: (تبرأنا إليك) (ما كانوا إيانا يعبدون) في معنى قوله:
(أغويناهم كما غوينا) جئ بالفصل من غير عطف.
قوله تعالى: (وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون) المراد بشركائهم الآلهة التي كانوا شركاء لله بزعمهم ولذا أضافهم إليهم.
والمراد بدعوتهم دعوتهم إياهم لينصروهم ويدفعوا عنهم العذاب ولذا قال:
(ورأوا العذاب) بعد قوله: (فلم يستجيبوا لهم).
وقوله: (لو أنهم كانوا يهتدون) قيل: جواب لو محذوف لدلالة الكلام عليه والتقدير لو أنهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب أي اعتقدوا أن العذاب حق، ويمكن أن يكون لو للتمني أي ليتهم كانوا يهتدون.
قوله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) معطوف على قوله السابق: (ويوم يناديهم) الخ، سئلوا أولا: عن شركائهم وأمروا أن يستنصروهم، وثانيا: عن جوابهم للمرسلين إليهم من عند الله.
والمعنى: ماذا قلتم في جواب من أرسل إليكم من رسل الله فدعوكم إلى الايمان والعمل الصالح؟
قوله تعالى: (فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لا يتساءلون) العمى استعارة عن
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست