تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٥٦
سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخت قردة ألم تر إلى قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى)؟
أقول: وفى دلالة الآية على الاهلاك بخصوص العذاب السماوي ثم انقطاعه بنزول التوراة خفاء.
وفيه في قوله تعالى: (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) الآية، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لما قرب الله موسى إلى طور سيناء نجيا قال: أي رب هل أحد أكرم عليك منى؟ قربتني نجيا وكلمتني تكليما. قال:
نعم، محمد أكرم على منك. قال: فان كان محمد أكرم عليك منى فهل أمة محمد أكرم من بني إسرائيل؟ فلقت لهم البحر وأنجيتهم من فرعون وعمله وأطعمتهم المن والسلوى.
قال: نعم، أمة محمد أكرم على من بني إسرائيل. قال: الهي أرنيهم. قال: انك لن تراهم وان شئت أسمعتك صوتهم. قال: نعم الهي.
فنادى ربنا أمة محمد: أجيبوا ربكم، فأجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم إلى يوم القيامة فقالوا: لبيك أنت ربنا حقا ونحن عبيدك حقا. قال: صدقتم وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقا قد غفرت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة.
قال ابن عباس: فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى أمته فقال: يا محمد (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا).
أقول: ورواه فيه أيضا بطرق أخرى عن غيره، وروى هذا المعنى أيضا الصدوق في العيون عن الرضا عليه السلام لكن حمل الآية على هذا المعنى يوجب اختلال السياق وفساد ارتباط الجمل المتقدمة والمتأخرة بعضها ببعض.
وفى البصائر باسناده عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه هواه بغير هدى من أئمة الهدى.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست