تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٥٣
على أن موضوع الكلام هما معا والقرآن يقوم التوراة الحاضرة ببيان ما فيها من الخلل فهما معا هدى لا كتاب أهدى منهما.
وقوله: (ان كنتم صادقين) أي في دعوى أنهما سحران تظاهرا.
قوله تعالى: (فان لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم) إلى آخر الآية، الاستجابة والإجابة بمعنى واحد، قال في الكشاف: هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء بنفسه والى الداعي باللام، ويحذف الدعاء إذا عدى إلى الداعي في الغالب فيقال:
استجاب الله دعاءه أو استجاب له، ولا يكاد يقال: استجاب له دعاءه. انتهى.
فقوله: (فان لم يستجيبوا لك) تفريع على قوله: (قل فأتوا بكتاب هو أهدى منهما أتبعه) أي فان قلت لهم كذا وكلفتهم بذلك فلم يأتوا بكتاب هو أهدى من القرآن والتوراة وتعين أن لا هدى أتم كمل من هداهما وهم مع ذلك يرمونها بالسحر ويعرضون عنهما فاعلم أنهم ليسوا في طلب الحق ولا بصدد اتباع ما هو صريح حجة العقل وانما يتبعون أهواءهم ويدافعون عن مشتهيات طباعهم بمثل هذه الأباطيل:
(سحران تظاهرا) (انا بكل كافرون).
ويمكن أن يكون المراد بقوله: (انما يتبعون أهواءهم) انهم ان لم يأتوا بكتاب هو أهدى منهما وهم غير مؤمنين بهما فاعلم أنهم انما يبنون سنة الحياة على اتباع الأهواء ولا يعتقدون بأصل النبوة وأن لله دينا سماويا نازلا عليهم من طريق الوحي وعليهم ان يتبعوه ويسلكوا مسلك الحياة بهدى ربهم، وربما أيد هذا المعنى قوله بعد: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) الخ.
وقوله: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) استفهام انكاري والمراد به استنتاج انهم ضالون، وقوله: (ان الله لا يهدى القوم الظالمين) تعليل لكونهم ضالين باتباع الهوى فان اتباع الهوى اعراض عن الحق وانحراف عن صراط الرشد وذلك ظلم والله لا يهدى القوم الظالمين وغير المهتدى هو الضال.
ومحصل الحجة انهم ان لم يأتوا بكتاب هو أهدى منهما وليسوا مؤمنين بهما فهم متبعون للهوى، ومتبع الهوى ظالم والظالم غير مهتد وغير المهتدى ضال فهم ضالون.
قوله تعالى: (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) التوصيل تفعيل من
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست