وما قيل: ان المراد به يوم الموت غير سديد فإنهم لم يسألوا الا عما تقدم وعده وهو يوم الجمع والفتح والجمع ثم الفتح من خصائص يوم القيامة دون يوم الموت.
(بحث روائي) في تفسير القمي في رواية أبى الجارود عن أبي جعفر ع في قوله تعالى: (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير) وذلك أن أهل السماوات لم يسمعوا وحيا فيما بين أن بعث عيسى بن مريم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما بعث الله جبرئيل إلى محمد سمع أهل السماوات صوت وحى القرآن كوقع الحديد على الصفا فصعق أهل السماوات.
فلما فرغ عن الوحي انحدر جبرئيل كلما مر بأهل سماء فزع عن قلوبهم يقول:
كشف عن قلوبهم، فقال بعض لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلى الكبير.
أقول: وروى مثله من طرق أهل السنة موصولا وموقوفا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدلول الرواية على أي حال مصداق من مصاديق الآية ولا تصلح لتفسيرها البتة.
وفى الدر المنثور عن ابن مردويه عن ابن عباس وفى المجمع عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي: بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود وانما كان النبي يبعث إلى قومه، ونصرت بالرعب يرعب منى عدوى على مسيرة شهر، وأطعمت المغنم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة فادخرتها لامتي إلى يوم القيامة وهي إن شاء الله نائلة من لا يشرك بالله شيئا.
أقول: وروى أيضا هذا المعنى عن ابن المنذر عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
والرواية معارضة لما ورد مستفيضا أن نوحا كان مبعوثا إلى الناس كافة وذكر في بعضها إبراهيم ع وفى بعضها أن أولى العزم كلهم مبعوثون إلى الدنيا كافة، وتخالف أيضا عموم الشفاعة للأنبياء المستفاد من عدة من الروايات وقد قال تعالى:
(ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون) الزخرف:
86، وقد شهد القرآن بأن المسيح ع من الشهداء قال تعالى: (ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) النساء: 159.