قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم) الخ، الظاهر أن اللام في (الظالمون) للعهد، وهذه الآية والآيتان بعدها تشير إلى أن وبال هذا الكفر - وأساسه ضلال أئمة الكفر واضلالهم تابعيهم - سيلحق بهم وسيندمون عليه ولن ينفعهم الندم.
فقوله: (ولو ترى) خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ هم بمعزل عن فهم الخطاب (إذ الظالمون) وهم الكافرون بكتب الله ورسله، الذين ظلموا أنفسهم بالكفر (موقوفون عند ربهم) للحساب والجزاء يوم القيامة (يرجع بعضهم إلى بعض القول) أي يتحاورون ويتراجعون في الكلام متخاصمين (يقول الذين استضعفوا) بيان لرجوع بعضهم إلى بعض في القول والمستضعفون الاتباع الذين استضعفتهم المتبوعون (للذين استكبروا) وهم الأئمة القادة (لولا أنتم لكنا مؤمنين) يريدون أنكم أجبرتمونا على الكفر وحلتم بيننا وبين الايمان.
(قال الذين استكبروا للذين استضعفوا) جوابا عن قولهم وردا لما اتهموهم به من الاجبار والاكراه (أنحن صددناكم) الاستفهام للانكار أي أنحن صرفناكم (عن الهدى بعد إذ جاءكم) فبلوغه إليكم بالدعوة النبوية أقوى الدليل على أنا لم نحل بينه وبينكم وكنتم مختارين في الايمان به والكفر (بل كنتم مجرمين) متلبسين بالاجرام مستمرين عليه فأجرمتم بالكفر به لما جاءكم من غير أن نجبركم عليه فكفركم منكم ونحن برءاء منه.
(وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا) ردا لقولهم ودعواهم البراءة (بل مكر الليل والنهار) أي مكركم بالليل والنهار حملنا على الكفر (إذ كنتم تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا) وأمثالا من الالهة أي انكم لم تزالوا في الدنيا تمكرون الليل والنهار وتخطون الخطط لتستضعفونا وتتأمروا علينا فتحملونا على طاعتكم فيما تريدون، فلم نشعر الا ونحن مضطرون على الائتمار بأمركم إذ تأمروننا بالكفر والشرك.
(وأسروا) وأخفوا (الندامة لما رأوا العذاب) وشاهدوا أن لا مناص، واخفاؤهم الندامة يوم القيامة - وهو يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ - نظير كذبهم على الله وانكارهم الشرك بالله وحلفهم لله كان بين كل ذلك من قبيل ظهور