تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١١٨
معنى لطيف يفسر به معنى الرجوع إلى الله والرد إليه وهو وقوفهم موقفا تنقطع فيه عنهم الأسباب ولا يحكم فيه الا الله سبحانه فالآية في معنى قوله: (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) يونس: 30.
ومحصل المعنى: أن النشأة الآخرة هي نشأة يعذب الله فيها من يشاء وهم المجرمون ويرحم من يشاء وهم غيرهم واليه تردون فلا يحكم فيكم غيره.
قوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير) من مقول القول وتوصيف لشأنهم يوم القيامة كما أن الآية السابقة توصيف لشأنه تعالى يومئذ.
فقوله: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء أي انكم لا تقدرون أن تعجزوه تعالى يومئذ بالفوت منه والخروج من حكمه وسلطانه بالفرار والخروج من ملكه والنفوذ من أقطار الأرض والسماء، فالآية تجرى مجرى قوله: (يا معشر الجن والإنس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا) الرحمن: 33.
وقيل: الكلام في معنى (من في السماء) فحذف من لدلالة الكلام عليه والتقدير وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء بمعجزين في السماء.
وهو بعيد ودلالة الكلام عليه غير مسلمة ولو بنى عليه لكفى فيه أن الخطاب للأعم من البشر بتغليب جانب البشر المخاطبين على غيرهم من الجن والملك والمعنى: وما أنتم معاشر الخلق بمعجزين في الأرض ولا في السماء.
وقوله: (وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير) أي ليس لكم اليوم ولى من دون الله يتولى أمركم فيغنيكم من الله ولا نصير ينصركم فيقوى جانبكم ويتمم ناقص قوتكم فيظهركم عليه سبحانه.
فالآية - كما ترى - تنفى ظهورهم على الله وتعجيزهم له بالخروج والامتناع عن حكمه بأقسامه فلا هم يستقلون بذلك وهو قوله: (وما أنتم بمعجزين) الخ ولا غيرهم يستقل بذلك وهو قوله: (وما لكم من دون الله من ولى) ولا المجموع منهم ومن غيرهم يعجزه تعالى وهو قوله: (ولا نصير).
قوله تعالى: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك
(١١٨)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست