نوحا وأصحاب السفينة الراكبين معه فيها وهم أهله وعدة قليلة من المؤمنين به ولم يكونوا ظالمين.
وقوله: (وجعلناها آية للعالمين) الظاهر أن الضمير للواقعة أو للنجاة وأما رجوعه إلى السفينة فلا يخلو من بعد، والعالمين الجماعات الكثيرة المختلفة من الأجيال اللاحقة بهم.
قوله تعالى: (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون) معطوف على قوله: (نوحا) أي وأرسلنا إبراهيم إلى قومه.
وقوله لقومه: (اعبدوا الله واتقوه) دعوة إلى التوحيد وانذار بقرينة الآيات التالية فتفيد الجملة فائدة الحصر.
على أن الوثنية لا يعبدون الله سبحانه وانما يعبدون غيره زعما منهم أنه تعالى لا يمكن أن يعبد الا من طريق الأسباب الفعالة في العالم المقربة عنده كالملائكة والجن ولو عبد لكان معبودا وحده من غير شريك فدعوتهم إلى عبادة الله بقوله: (اعبدوا الله) تفيد الدعوة إليه وحده وان لم تقيد بأداة الحصر.
قوله تعالى: (انما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون افكا) إلى آخر الآية، الأوثان جمع وثن بفتحتين وهو الصنم، والإفك الامر المصروف عن وجهه قولا أو فعلا.
وقوله: (انما تعبدون من دون الله أوثانا) بيان لبطلان عبادة الأوثان ويظهر به كون عبادة الله هي العبادة الحقة وبالجملة انحصار العبادة الحقة فيه تعالى (أوثانا) منكر للدلالة على وهن أمرها وكون ألوهيتها دعوى مجردة لا حقيقة وراءها، أي لا تعبدون من دون الله الا أوثانا من أمرها كذا وكذا.
ولذا عقب الجملة بقوله: (وتخلقون افكا) أي وتفتعلون كذبا بتسميتها آلهة وعبادتها بعد ذلك فهناك اله تجب عبادته لكنه هو الله الواحد دون الأوثان.
وقوله: (ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) تعليل لما ذكر من افتعالهم الكذب بتسمية الأوثان آلهة وعبادتها ومحصله أن هؤلاء الذين تعبدون من دون الله وهم الأوثان بما هم تماثيل المقربين من الملائكة والجن انما تعبدونهم لجلب النفع وهو أن يرضوا عنكم فيرزقوكم ويدروا عليكم الرزق لكنهم ليسوا يملكون لكم رزقا