فقوله: (أو لم يروا) الخ الضمير فيه للمكذبين من جميع الأمم من سابق ولا حق والمراد بالرؤية النظر العلمي دون الرؤية البصرية، وقوله: (كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده) في موضع المفعول لقوله: (يروا) بعطف (يعيده) على موضع (يبدئ) خلافا لمن يرى عطفه على (أو لم يروا) والاستفهام للتوبيخ.
والمعنى: أو لم يعلموا كيفية الابداء ثم الإعادة أي انهما من سنخ واحد هو انشاء ما لم يكن، وقوله: (ان ذلك على الله يسير) الإشارة فيه إلى الإعادة بعد الابداء وفيه رفع الاستبعاد لأنه انشاء بعد انشاء وإذ كانت القدرة المطلقة تتعلق بالايجاد فهي جائزة التعلق بالانشاء بعد الانشاء وهي في الحقيقة نقل للخلق من دار إلى دار وانزال للسائرين إليه في دار القرار.
وقول بعضهم: ان المراد بالابداء ثم الإعادة انشاء الخلق ثم إعادة أمثالهم بعد افنائهم غير سديد لعدم ملائمة الاحتجاج على المعاد الذي هو إعادة عين ما فنى دون مثله.
قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ان الله على كل شئ قدير) الآية إلى تمام ثلاث آيات أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطبهم بما يتم به الحجة عليهم فيرشدهم إلى السير في الأرض لينظروا إلى كيفية بدء الخلق وانشائهم على اختلاف طبائعهم وتفاوت ألوانهم وأشكالهم من غير مثال سابق وحصر أو تحديد في عدتهم وعدتهم ففيه دلالة على عدم التحديد في القدرة الإلهية فهو ينشئ النشأة الآخرة كما أنشأ النشأة الأولى فالآية في معنى قوله: (ولقد علمتم النشأة الأولى فلو لا تذكرون) الواقعة: 62.
قوله تعالى: (يعذب من يشاء ويرحم من يشاء واليه تقلبون) من مقول القول، والظاهر أنه بيان لقوله: (ينشئ النشأة الآخرة) وقلب الشئ تحويله عن وجهه أو حاله كجعل أسفله أعلاه وجعل باطنه ظاهره وهذا المعنى الأخير يناسب قوله تعالى: (يوم تبلى السرائر) الطارق: 9.
وفسروا القلب بالرد قال في المجمع: والقلب هو الرجوع والرد فمعناه أنكم تردون إلى حال الحياة في الآخرة حيث لا يملك فيه النفع والضر الا الله. انتهى وهذا