قوله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) من تمام القول السابق في ردهم وهو في محل الاستدراك أي انهم لا يحملون خطاياهم بعينها فهي لازمة لفاعليها لكنهم حاملون أثقالا وأحمالا من الأوزار مثل أوزار فاعليها من غير أن ينقص من فاعليها فيحملونها مضافا إلى أثقال أنفسهم وأحمالها لما أنهم ضالون مضلون.
فالآية في معنى قوله تعالى: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) النحل: 25.
وقوله: (وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) فشركهم افتراء على الله سبحانه وكذا دعواهم القدرة على انجاز ما وعدوه وأن الله يجيز لهم ذلك.
(بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس وأيضا ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قالا: نزلت سورة العنكبوت بمكة.
أقول: وقد نقل في روح المعاني عن البحر عن ابن عباس أن السورة مدنية.
وفى المجمع قيل: نزلت الآية يعنى قوله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا) في عمار بن ياسر وكان يعذب في الله. عن ابن جريج.
وفى الدر المنثور أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله: (ألم أحسب الناس أن يتركوا) الآية، قال: أنزلت في أناس بمكة قد أقروا بالاسلام فكتب إليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة لما نزلت آية الهجرة أنه لا يقبل منكم اقرار ولا اسلام حتى تهاجروا. قال: فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فردوهم فنزلت فيهم هذه الآية فكتبوا إليهم أنه نزل فيكم آية كذا وكذا فقالوا: نخرج فان اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله فيهم: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم).